Delta-N Journal مجلة دلتا نون May. 2014 | Page 14

‫مقاالت‬ ‫األصولية اإلسالمية يف املشرق العربي‬ ‫سورية. ورسعان ما بدأت حركات ‘الصحوة اإلسالمية’ بنسختها الجهادية بالتوالد والتكاثر تحت عنوان املقاومة‬ ‫التي لقيت مدا ً لوجستياً وبرشياً من بعض دول اإلقليم مستثمرة هذه الحركات يف استنقاع الواليات املتحدة يف‬ ‫العراق. إذا ً كان هناك من يقتنص الفرصة يف لحظة تهديد، إنه النظام السوري الذي وجد يف هذه الحركات أجهزة‬ ‫معدة للتحريك مبا يشبه اإلمساك مبقود (روبوت) مفخخ يهدد به تارة ويلوح به تارة أخرى، صانعاً بعض تشكيالته‬ ‫يف قصدية متدبرة.‬ ‫وتفيد تجربة الثامنينات والتسعينات من القرن املايض أن هذه الحركات متتلك إمكانية تفلت كبرية بعد‬ ‫رشاكة موحى بها غري مبندة بعقد أو اتفاقية لتصبح عالقة عداوة وانتقام ما بعد الرشاكة، متاماً كام حدث مع‬ ‫الواليات املتحدة وبعض حلفائها يف أفغانستان. لكن النظام السوري استطاع تحايش ارتداد الحركات األصولية عليه‬ ‫بعد عودة أفراده من العراق المتالكة تلك القاعدة التفصيلية من البيانات عن أفراد التنظيامت الجهادية العاملة‬ ‫بالعراق، وأظهر قدرة عالية عىل الضبط وعدم تفلت زمام األمور من يده. يدخل النظام السيايس يف املرشق العريب‬ ‫كعنرص أصيل يف معادلة األصولية هذه املرة، تتبدل وظائفه بتغري رشوط املعادلة منتجة مشهدا ً مختلفاً يف كل‬ ‫ظرف، فتدعم األصولية تحت عنوان املقاومة وتحارب تحت عنوان اإلرهاب، والعنرص املتحرك يف قلب املعادلة‬ ‫كان دوماً النظام السوري عىل مستوى هذه املنطقة.‬ ‫لقد تبدى الدور السوري يف استثامر الحركات األصولية مرة أخرى يف لبنان بعد اغتيال الرئيس الراحل رفيق‬ ‫الحريري عندما الحت بوادر تهديد داهم للنظام إثر اتهامه مبارشة بعملية االغتيال، وللداللة عىل ذلك ميكن‬ ‫استعراض جملة القرائن التي وردت يف أحد الربامج الوثائقية التي يعدها الصحفي العريب يرسي فودة والتي‬ ‫تلت عملية االغتيال. إذ يذكر أن اتصاالً جرى بصحيفة صدى البلد اللبنانية من قبل مجهول اسمه أبو عبيدة‬ ‫مبلغاً عن نية تفجري ثكنة عسكرية يف صيدا، وقد حدث ذلك التفجري يف املكان والزمان الذي حددهام، مام أكد‬ ‫ّ‬ ‫التكهنات القائلة بامكانية تواجد وفعالية تنظيم القاعدة يف لبنان، وتكررت هذه الحادثة أكرث من مرة يف عهد ما‬ ‫بعد الوجود السوري، ويف نهاية عام 5002 تم تبني عملية إطالق صواريخ (كاتيوشا) من قبل تنظيم القاعدة من‬ ‫جنوب لبنان الواقع تحت سيطرة حزب الله الذي تتنافر معه القاعدة عقائدياً وتتهمه بالوقوف عائقاً بينه وبني‬ ‫ارسائيل. لقد كان هذا التفلت العسكري لتنظيم القاعدة عىل التخوم اإلرسائيلية مثريا ً للريبة بالتوقيت وتخفي‬ ‫عنارصه عىل غري عادة أعضاء تنظيم القاعدة الذين يجاهرون بأسامئهم وهوياتهم وأهدافهم عادةً. وما غض النظر‬ ‫الذي مارسه حزب الله عن تلك العملية بالتحديد -التي ال ميكن أن تحدث دون علمه- سوى إشارة ملالمح البديل‬ ‫املمكن يف حال غياب حزب الله حيث كانت األصوات تتعاىل لسحب سالحة يف تلك األيام.‬ ‫ويف ظل غياب الوجود العسكري واألمني السوري فإن القاعدة هي من ستكون عىل الحدود اإلرسائيلية دون‬ ‫ضابط أو رقيب. كان النظام السوري ميتلك خريطة شبكة التنظيامت اإلسالمية املرتبطة بالقاعدة أو غري املرتبطة‬ ‫بها ولديه قاعدة بيانات شبه شاملة لعنارصها العائدة من العراق عىل وجه الخصوص، نتيجة انخراطه بصورة‬ ‫مبارشة يف العراق، وميتلك القدرة اإليحائية لتحريك بعضها يف أي اتجاه يريده، مستخدماً إياها ورقة ابتزاز أمام‬ ‫الغرب وإرسائيل، ويفيد استعراض لألسامء الكثرية التي نسبت إىل القاعدة أنها إما كانت يف السجون السورية أو‬ ‫نالت مباركة األجهزة األمنية أيام القتال يف العراق.‬ ‫لرمبا استطاع النظام السوري أن يلعب ورقة األصولية اإلسالمية واالستثامر بها يف أعىل إنتاجية لفرض رؤيته‬ ‫وتجنب املواجهة مع الواليات املتحدة بعد حرب العراق، إىل جانب كونه نظام منوذجي يف التسلطية تتغذى‬ ‫األصولية عىل سياس