Delta-N Journal مجلة دلتا نون May. 2014 | Page 13

‫األصولية اإلسالمية يف املشرق العربي‬ ‫تطورت الحركة األصولية اإلسالمية وتنقلت عرب مراحل عدة وصوالً إىل شكلها الحريك الراديكايل الناجز كام‬ ‫نعارصه اليوم والذي يتعني ‘مبنظومة شبكة العالقات’ الواسعة للحركات اإلسالمية الجهادية ‘ذاتية الحركة’ التي‬ ‫يتموضع يف مركزها تقريباً تنظيم ‘القاعدة’. وباتت معروفة للكثريين تلك السريورة التي مرت بها األصولية‬ ‫اإلسالمية والظروف الدولية واإلقليمية التي سوغت قيامها، هذا فضالً عن املعارف الدينية التي قدمت النص‬ ‫واملنطق العقيدي لها. كام ميكن تلخيص العنارص املبيئة لها من فقر وأمية يف مجتمعات احتضنتها كأفغانستان‬ ‫ِّ‬ ‫والصومال وغريها مبقابل فشلها يف إيجاد الحواضن الالزمة يف أكرث من بقعة جغرافية مفرتضة.‬ ‫كان يكفي غياب أي سلطة مركزية قوية، وتعيني عدو محتل بدايةً، حتى تستدعي أيديولوجية مبنية عىل يقني‬ ‫إمياين كاإلسالم، تحشد بخطابه وتنظم برشيعته حتى تقرتب من النموذج األعىل يف الوعي املجتمعي كام وصل إلينا‬ ‫عرب أمهات الكتب التاريخية، وتسحبه عىل الواقع كمرسحية تنكرية نشاهد فصولها عىل مرسح الواقع، ثم تتنقل‬ ‫وتتمدد عىل بقاع جغرافية ذات مجتمعات موسومة باإلسالمية تقوم بالتعويض عن فشل املشاريع النهضوية من‬ ‫ماركسية ويسارية وليربالية وقومية يف حمل مهام التنمية والتحرير.‬ ‫تأخذ القضية مضاعفات أكرث جدية بالنظر إىل ظاهرة األصولية اإلسالمية يف منطقة املرشق العريب بالتحديد‬ ‫الذي يزخر بقصص ‘املايض املجيد’، والذي تعيش مجتمعاته عىل وقع إرث تاريخي ثقيل يحكم قيمها ويشكل‬ ‫وعيها لذاتها ولآلخر. فقد انترشت الحركات األصولية اإلسالمية بعد احتالل العراق وسقوط بغداد التي كان لها‬ ‫صدى بالغ التأثري يف النفسية العربية يف املرشق، محدثة تحوالً جذرياً يف املفاهيم النضالية الكالسيكية مبختلف‬ ‫توجهاتها القومية واليسارية. إذ تحول البعثي العلامين إىل داعية إسالمي، والفتحاوي إىل مريب ديني، وانبثقت من‬ ‫قلب الحركات السياسية دعوات إسالمية كفتح اإلسالم (التي خرجت من رحم تنظيم فتح االنتفاضة برئاسة أبو‬ ‫خالد العملة) يف كناية عن رفض وقطيعة كاملة مع اإلرث االديولوجي والنضايل املرتبط بالنظام الرسمي املقاوم‬ ‫وصوالً إىل معاداته.‬ ‫وعىل وقْعِ وجود الواليات املتحدة األمريكية يف العراق كان أحد محفزات استنهاض الخطاب اإلسالموي‬ ‫التعبوي يتحرض لالنفجار يف قلب املرشق، فها هو اآلخر املحتل قد أصبح عىل األرض بيننا ويتهدد التوأم الجار؛‬ ‫31‬ ‫العدد 0‬ ‫أيار / مايو ـ 4102‬