Arabic - Mental health and gender-based violence Arabic version | Page 26

‎17‎. 9 استخدام مُصطلح“ المرأة الفراشة” كتعبير المجازي

. 9 استخدام مُصطلح“ المرأة الفراشة” كتعبير المجازي

الهدف: فهم كيف يستحدث التّعبير المجازي“ المرأة الفراشة” أفكاراً‏ مُتبصِّ‏ رة ، ويُساعد في عملية الشِّ‏ فاء.
الجزء الأول: نقاط الانطلاق
لقد شرحنا في القسم الأخير كيفية استخدام التّعبيرات المجازية للمُساعدة في التّعامل مع الصّ‏ دمة. وسوف نشرح ، في هذا القسم ، كيفية بروز هذا التّعبير المجازي“ المرأة الفراشة” إلى حيّز الوجود ، وكيفية استخدام هذه القِصّ‏ ة في عملنا.
الفراشة لم تستَطِ‏ ع الطيران: مُ‏ لاحظة أبداها أحد المُعالجين.
“ دخلت امرأةٌ‏ تُعاني من صدمةٍ‏ إلى مكتبي ذات مرةٍ‏ طلباً‏ للعلاج. وتحدَّثت إليّ‏ بصوتٍ‏ مُنخَ‏ فض قائلةً‏:“ عندما أنظر إلى الماضي فإنِّي لا أرى سوى الأشياء الفظيعة التي حدثت معي ، فهي تُلاحِ‏ قني ليلاً‏ ونهاراً‏. وعندما أنظر إلى المُستقبل ، فلا أرى سوى القلق والمشكلات. لا أرى أيَّ‏ أملٍ‏ يلوح في الأفق. حياتي أصبحت مكاناً‏ مُظلماً‏. جسدي كلُّه مُتخدِّر. وحيدةٌ‏ أنا ولا أعرف للراحة طعماً‏. هل أنا في طريقي إلى الجنون ؟”‏
تساءلتُ‏ قائلاً‏ بعدما غادرت: كيف أستطيع كمساعِد أنْ‏ أشرح لهذه المرأة عملية الشِّ‏ فاء من الصّ‏ دمة ؟ كيف أثبِتُ‏ لها أنَّ‏ ردود أفعالها هي استجاباتٌ‏ طبيعية لتجربةٍ‏ غير اعتيادية ؟ كيف أشرح لها أنَّها ناجية. كيف أستطيع إدخال الشعور بالأمل والكرامة إلى حياتها السوداوية المُظلِمة ؟”‏
رسمتُ‏ ما أخبرتني به على قُصاصةٍ‏ من الورق كانت أمامي. كانت ذكريات التعرَّض للصدمة على أحد جوانب القُصاصة ، وكانت المرأة أسيرةً‏ محصورةً‏ بين الماضي وبين المُشكلات العظيمة التي سوف تواجهها في المُستقبل. فقُمت برسم فراشة! تلك هي الحالة التي كانت فيها المرأة. إنها المرأة الفراشة التي لم تستطِ‏ ع الطيران! استخدمتُ‏ هذا التعبير المجازي لأوضِّ‏ ح عملية شفاء تلك المَرأة.
فقد أعطى هذا التّعبير المجازي المرأة البُعد الذي كانت بحاجة إليه من أجل التّحدُّث عن الأعراض التي تُعانيها دون إيقاظ الصّ‏ دمة في مشاعرها من جديد. فتعبير المرأة الفراشة جعل التّحدث عن المُستحيل مُمكناً‏. وأصبح بوسعِنا أنْ‏ نتشارك تجاربها وخبراتها ، وبوسعي أنْ‏ أُريها طريقاً‏ للخروج من هذه الصدمة.
تحدثّنا عن كيفية إعادة إصلاح الأجنحة ومارسنا ذلك ؛ عن طريق تقوية الجسم وتهدئته ، وتهدئة أفكارها ، ومشاعرها ، وقلبها. وعثرنا على موارد جعلت حياتها جديرة بأنْ‏ تُعاش مرة أخرى. فهذه الرّحلة هي كلُّ‏ ما يتناوله هذا الدليل.
خُ‏ لِقت الفراشات لتطير بحريةٍ‏ وعلى طريقتها الخاصة ؛ شأنها في ذلك شأنُ‏ المرأة التي يجب أنْ‏ تكون حرَّة في عَيْش حياتها كما يحلو لها بسلامٍ‏ وكرامة ‏.”‏
بناءً‏ على هذا الحدث ، طوَرَّنا التعبير المجازي“ المرأة الفراشة” كأداةٍ‏ للعَمل مع فرادى النساء اللواتي يُعانينَ‏ من الصّ‏ دمات نتيجةً‏ لارتكاب فعلٍ‏ عنيفٍ‏ جداً‏ بحقِّهن. ويفسح التّعبير المجازي المجال لنا للتّحدث عن مواضيع صعبةٍ‏ جداً‏ بطريقةٍ‏ مُختلِفة ؛ فهو يُوجِ‏ دُ‏ مساحةً‏ للأفكار والتّأملات الجديدة ، وقد يُجسِّ‏ دُ‏ ، في بعض الأحيان ، الأمل. فعندما نرسُ‏ م الفراشة ، فإنَّ‏ جناحَ‏ يْها يرمزان إلى الماضي والمُستقبل. وبين“ الجناحَ‏ يْن” هناك مسافة ضيّقة تُمثِّل“ هنا والآن ‏”.‏ وتشعر المرأة الفراشة تدريجياً‏ ، من خلال المُساعدة المُقدّمة لها ، أنّها قادرة على أنْ‏ تكون“ هنا والآن” here and now( بمعنى: في هذا المكان وفي الزمن الحاضر ‏(،‏ وأنَّها أكثر قُدرةً‏ على التّحكم بحياتها. وقد تُصبِح قادرةً‏ تدريجياً‏ على مُعاودة الاتِّصال بمواردها المُجسَّ‏ دة“ بقرني الاستشعار” لديها ، والتي تبسطهما وتمدّهما الفراشة للوصول إلى ذكرياتٍ‏ جيدة من ماضيها وتطلّعاتها المُستقبلية. وتستطيع الفراشة خُ‏ طوة بخطوة إصلاح جناحَ‏ يْها ، واستحداث ظروفٍ‏ تستطيع فيها ، في النّهاية ، الطّ‏ يران من جديد.