aldoha magazine N 75 | Page 45
المباشــر علــى اآلخريــن، ســواء أتم َّــل
َث
ذلــك فــي اختالق اإلشــاعة أم فــي النزوع
النفســي نحــو تصديقهــا أو المشــاركة فــي
نشــرها. وغالب ـا مــا يكــون هــذا العــدوان
ً
ألســباب غيــر موضوعيــة، كأن يكــون
بيــن صاحــب اإلشــاعة والمســتهدف بهــا
خــاف شــخصي أو فكــري أو مهنــي، أو
تنافــس فــي مجال مــا، فيطلق اإلشــاعات
أو يســتأجر مــن يســاعده فــي ترويجهــا
فــي محاولــة منــه لالنتقــام أو إضعــاف
خصمــه. وفــي ظــل حالــة اإلحبــاط العــام
التــي يعيشــها معظــم النــاس تصبــح
التربــة خصبــة لنمــو اإلشــاعات والميــل
ّ
إلــى تصديقهــا ونشــرها، وتنفيــس تلــك
الطاقــة العدوانيــة الموجهــة بقســوة
َّ
وبشــكل عشــوائي نحــو اآلخــر كنــوع
مــن تحقيــق الــذات المضطــرب وحمايــة
النفــس مــن الفــراغ المفــزع ومقاومــة
الشــعور بعــدم القيمــة.
ثمــة رغبــة مرضيــة فــي جــذب االنتباه
ّ
واالهتمــام، والظهــور فــي صــورة العليم
ببواطــن األمــور، وبعــث الثقــة فــي
النفــس، أو إثــارة شــفقة اآلخريــن، أو
الميــل إلــى تحقيــق ســبق مــا فــي مجــال
َ ٍْ
معيــن، أو المــن علــى النــاس بالمعــروف
َّ
كأن يســدي شــخص خدمــة معينــة إلــى
زميــل أو جــار أو محتــاج، ويســارع إلــى
نشــر ذلــك بشــيء مــن المبالغــة وتجميــل
الــذات.. كل هــذه دوافــع شــعورية أو
الشــعورية تحــرك رغبــة البعــض فــي
ِّ
نشــر اإلشــاعات.
إن األشــخاص القلقــون والذيــن
يعانــون مــن التوتــر واضطــراب
ُّ
الشــخصية ينشــرون اإلشــاعة بدرجــة
عاليــة مــن الحمــاس أكثر مــن المســتقرين
ّ
نفســيا واجتماعيــ ً، وكأن اإلشــاعة
ا
ً
حاجــة اجتماعيــة ونفســية لــدى البعض،
َّعــة منهــا أو
إمــا لتحقيــق الحاجــات المتوق
لخفــض القلــق النفســي لديهــم.
يحــدث أحيانــا أن يــروج شــخص
ً
ّ
مــا شــائعات عــن نفســه بهــدف الشــهرة
أو «الفرقعــة اإلعالميــة» أو رغبــة فــي
وجــوده فــي دائــرة الضــوء ليجنــي
مكاســب معينــة، ولألســف يجــد هــذا
الشــخص الكثيريــن الذيــن يســاعدونه
فــي خطتــه، بــل يســتكملون الناقــص
فيهــا حتــى ِّــق هدفــه تحــت مبــدأ
يحق
«نفيــد ونســتفيد»!
ِّــل اإلشــاعات أزمــة وعــي فكــري
تمث
ونضــج قيمــي وأخالقــي، وإن كّــا ال
ن
نتوقــع أن تنتهــي أو يتــم القضــاء عليهــا
َّ
ّ
نهائيـا ألنهــا جــزء مــن التفكيــر اإلنســاني
ً
المشــوه،