aldoha magazine N 75 | Page 24

‫مــن أفــواه المــارة وألســنة العابريــن، كأنه‬ ‫ّ‬ ‫«حرفــوش» مــن الحرافيــش الذيــن كانــو‬ ‫يعيثــون ليــل نهــار فــي جنبــات الحــارة‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫المصريــة التــي وصفهــا نجيــب محفــوظ‬ ‫فــي روايتــه «أوالد حارتنــا» بقولــه:‬ ‫«لكــن آفــة حارتنــا النســيان». لقــد رفــض‬ ‫ّ‬ ‫نجــم أن يدخــل دائــرة النســيان الجمعــي‬ ‫فــي ذاكــرة الحــارة المصريــة ذات األزقــة‬ ‫ّ‬ ‫واالنحنــاءات والصخــب والبــراءة، فبحــث‬ ‫عــن جملــة شــعرية خاصــة بــه وحــده‬ ‫تدغــدغ مشــاعر البســطاء الملتهبــة،‬ ‫وتمتــاح مــن معجمهــم، وترســم صورهــا‬ ‫مــن مفــردات بالغتهــم اليوميــة والعاديــة‬ ‫(أو العاريــة) والمألوفــة:‬ ‫«البحــر بيضحــك ليــه/ وأنــا نازلــة‬ ‫أدلــع أمــا القلــل/ البحــر غضبــان‬ ‫ّ‬ ‫مــا بيضحكــش/ أصــل الحكايــة مــا‬ ‫تضحكــش/ البحــر جرحــه مــا يدبلــش/‬ ‫وجرحنــا وال عمــره دبــل...».‬ ‫2-‬‫ثمــة محطــات كثيــرة فــي حيــاة‬ ‫ّ‬ ‫أحمــد فــؤاد نجــم، لكــن، تظــل عالقتــه‬ ‫بالشــيخ إمــام عيســى (5991-8191)‬ ‫هــي المحطــة الفاصلــة فــي ذيــوع صوتــه‬ ‫ّ‬ ‫الشــعري المســيس منــذ الســتينيات، حيــث‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫التــف حولــه المثقفــون والصحافيــون‬ ‫بعــد أغنيــة «أنــا أتــوب عــن حبــك‬ ‫أنــا؟»، و«عشــق الصبايــا»، و«ســاعة‬ ‫العصــاري»، وغيرهــا، حيــث كــون نجــم‬ ‫َّ‬ ‫والشــيخ إمــام وعــازف اإليقــاع محمــد‬ ‫علــي فرقــة للتأليــف والتلحيــن والغنــاء‬ ‫ً‬ ‫لــم تقتصــر علــى أشــعار نجــم وحــده فــي‬ ‫البدايــة، بــل اســتعانت بقصائــد آلخريــن‬ ‫مــن أمثــال فــؤاد قاعــود وســيد حجــاب،‬ ‫ونجيــب ســرور، وتوفيــق زيــاد، وزيــن‬ ‫العابديــن فــؤاد،.. وغيرهــم.‬ ‫إبــان هزيمــة 7691م، ســادت نغمــة‬ ‫ّ‬ ‫الســخرية ونبــرة االنكســار التــي قــد‬ ‫كان قــد استشــرفها باكــرًا أمــل دنقــل‬ ‫فــي قصيدتــه «البــكاء بيــن يــدي زرقــاء‬ ‫اليمامــة»، وانعكســت النبــرة ذاتهــا فــي‬ ‫قصائــد نجــم، فكتــب:‬ ‫«الحمــد هلل خبطنــا/ تحــت بطاطنــا/ يــا‬ ‫محــا رجعــة ظباطنــا/ مــن خــط النــار/‬ ‫ّ‬ ‫يــا أهــل مصــر المحميــه/ بالحراميــه/‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫42‬ ‫إلــى آخــر حتــى لحظــة مقتــل الســادات‬ ‫عــام 1891. ومــع ثمانينيــات القــرن‬ ‫الفائــت، بــدأت الفرقــة الثالثيــة تتجــول‬ ‫َّ‬ ‫بيــن البلــدان العربيــة واألوروبيــة إلقامــة‬ ‫حفالتهــا الغنائيــة التــي القــت نجاحــا‬ ‫ً‬ ‫كبيــراً، حتــى انفــرط عقدهــا لمــا دب مــن‬ ‫ّ‬ ‫خــاف بيــن أفرادهــا الثالثــة.‬ ‫الفــول كتيــر والطعميــه/ والبــر عمــار/‬ ‫ّ‬ ‫والعيشــة معــدن واهــي ماشــيه/ آخــر‬ ‫آشــيا/ مــا دام جنابــه والحاشــيه/‬ ‫بكــروش وكتــار...».‬ ‫وكتب أيض ً:‬ ‫ا‬ ‫ «يعيــش أهــل بلــدى وبينهــم مفيــش/‬‫تعــارف يخلــي التحالــف يعيــش/ تعيــش‬ ‫ّ‬ ‫كل طايفــة مــن التانيــة خايفــة/ وتنــزل‬ ‫ســتاير بدايــر وشــيش...».‬ ‫ «نــاح الّــواح والّواحــه/ علــى‬‫ن َّ‬ ‫ن َّ‬ ‫بقــرة حاحــا النطاحــه/ والبقــره حلــوب/‬ ‫ّ‬ ‫حاحــا/ تحلــب قنطــار/ حاحــا/ لكــن‬ ‫مســلوب/ حاحــا/ مــن أهــل الــدار/‬ ‫حاحــا/ والــدار بصحــاب/ حاحــا/‬ ‫وحداشــر بــاب/ حاحــا/ غيــر الســراديب/‬ ‫حاحــا/ وجحــور الديــب...».‬ ‫لكــن ســرعان مــا اختفــت هــذه النغمــة‬ ‫ْ‬ ‫الســاخرة االنهزاميــة وحلــت محّهــا نغمــة‬ ‫ل‬ ‫ّ‬ ‫أخــرى مليئــة باالســتفاقة واالعتــزاز‬ ‫بالهويــة المصريــة والعربيــة، مثــل:‬ ‫ّ‬ ‫«مصــر يــا أمــة يــا بهيــه/ يــا أم‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫طرحــة وجالبيــه/ الزمــن شــاب وانــت‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫شــابه/ هــ