aldoha magazine N 75 | Page 135

‫الجلطات الدموية في دماغ الجغرافيا، التي‬ ‫سيســتعصي من اآلن فصاعدًا استئصالها‬ ‫كانــت التربة الخصبة التــي ترعرعت فيها‬ ‫أحزمة الفقر ومنابت الجريمة...‬ ‫هنــاك، حيــث الدرجــة الصفــر لألمــن‬ ‫ُ‬ ‫والســكينة. منصــة انطــاق المالييــن من‬ ‫ّ ُ‬ ‫النــاس، وانقذافهــم كل صباح فــي اتجاه‬ ‫ّ‬ ‫المجهــول لمزاولــة «حــروب العيــش».‬ ‫ّ‬ ‫فالبيضــاوي ما هو إال « كاميــكاز»، يجهز‬ ‫ِّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫نفســه وإرادته في مســتهل كل نهار ليلقى‬ ‫ّ‬ ‫حتفــه، وهــو يحــاول أن يخطــف لقمتــه‬ ‫الســوداء مــن بين أنياب وحــش وهمي ال‬ ‫يرحم أحداً، اسمه الدار البيضاء.‬ ‫«شــعب العشــوائيات» هــذا، الــذي صــار‬ ‫من فــرط كثرته ألعابا بشــرية بال حلول،‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫هو الــذي أضحى يخوض كل يــوم «حربا‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫أهليــة» غيــر معلنة في طوابيــر الحافالت‬ ‫والتاكســيات والترامــوي وســيارات‬ ‫النقــل الســري ودراجــات «الشــينوا» مــن‬ ‫ذوات العجــات الثــاث. هــو الــذي زرع‬ ‫«الفراشات» على امتداد ساحات وشوارع‬ ‫ّ‬ ‫وطرقــات المدينة، ثم احتلهــا بوضع اليد‬ ‫دونمــا حســيب أو رقيــب. هو الذي أشــاع‬ ‫ثقافــة «الروبخــة» على متــن «الكراريس»‬ ‫ََْ َ‬ ‫الجائلــة، التي تبيع كل شــيء والشــيء‬ ‫بثمن موحد.‬ ‫َّ‬ ‫«الســيد ريباخــا» هذا الغــازي الجديد الذي‬ ‫ســقط سهوًا من رحم العولمة المتوحشة،‬ ‫ِّ‬ ‫دمر كل شــيء فــي المدينــة، وأحالها إلى‬ ‫َّ ّ‬ ‫«فضــاء مفــورس» يطفــح بالمتناقضــات‬ ‫َُ ْ َ ْ‬ ‫الصارخــة. طمــس معالمهــا الحضاريــة‬ ‫وقســماتها العمرانيــة. مــزق أوصالهــا،‬ ‫ّ‬ ‫ومزع أطرافها، ثم شــكل من وجهها البهي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫القديم لوحة ســوريالية شــائهة وقبيحة،‬ ‫تعج بالمسوخ والضواري.‬ ‫ّ‬ ‫الدارالبيضاء اليوم «غابة إسمنت َّح»،‬ ‫مسل‬ ‫ال تبكــي أحــداً، مــادام قــد زال فيهــا الحــد‬ ‫ّ‬ ‫الفاصــل بيــن الحيــاة ا