aldoha magazine N 75 | Page 100

‫أكياس شعريية‬ ‫فاطمة إبراهيمي‬ ‫فــي الغرفة الشاغرة الوحيدة فــي المنزل، أفتح كيس‬ ‫الكوكايين على الطاولة الصغيرة، التي كانت تحمل ماكينة‬ ‫الخياطة الخاصة بأمي. تنادي أمي: فاطمة هيا، سوف نسافر.‬ ‫ّ‬ ‫ٍ ٍ‬ ‫أطبق قبضتي على كيس الكوكايين، أسأل بصوت عال: أين‬ ‫سنذهب أمي؟ إلى المنزل. لكننا في المنزل أمي. سنعود إلى‬ ‫المنزل فاطمة.‬ ‫أغلق كيس الكوكايين. أضعه في جيب بنطالي األيمن. أركب‬ ‫الطائرة. ننزل من الطائرة، ريقي جاف، أشعر بالهلع، لو‬ ‫استوقفني اآلن أي من المفتشين سأذهب في داهية. ال، في مئة‬ ‫ٌّ‬ ‫ِ‬ ‫داهية، ستذهب هذه العائلة بالكامل في داهية. ال يقترب مّي أي‬ ‫ن ّ‬ ‫من المفتشين. أهم بالتنهد. َّف. شعور بالحزن اعترضني.‬ ‫ُّ أتوق‬ ‫ّ‬ ‫ندخل المنزل، أتوجه فــورًا للبحث عن غرفة فارغة. الغرف‬ ‫َّ‬ ‫جميعها فارغة، فالعائلة تجتمع في غرفة الطعام. أفتح كيس‬ ‫الكوكايين، أضع القليل على الطاولة، أقرب أنفي منه، يتحول‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫إلى شعيرية. أتفاجأ. أشعر بالحنق. أغلق كيس الكوكايين‬ ‫وأعيده إلى جيب بنطالي األيمن. أبحث في الغرفة عن كيس،‬ ‫أزيح حفنة الشعيرية من فوق الطاولة إلى الكيس، وأضعها‬ ‫بعد أن أربطها في جيب السترة الداخلي األيسر. أعود إلى غرفة‬ ‫الطعام، العائلة تقفز بين بقع الحديث. ال أطيق الوقوف أكثر.‬ ‫أتوجه إلى غرفة فارغة جديدة. أجد أخي أيمن يأخذ جرعة. ومرة‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫أخرى، أقرب أنفي من جرعتي، تتحول إلى شعيرية. يخرج أيمن‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫من الغرفة. أبحث عن كيس جديد، أضع فيه الشعيرية، أدسه في‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫جيب بنطالي األيسر، وأتوجه إلى غرفة أخرى. يتكرر ما حصل.‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫أدس كيس الشعيرية البيضاء -لفرط ما غلت في الماء على ما‬ ‫ّ‬ ‫يبدو- في جيب البنطال األيمن بجانب كيس الكوكايين. خسر‬ ‫وزنا كيس الكوكايين، كيس آخر يمكنه مشاركته الجيب. حين‬ ‫ً‬ ‫أخرج من الغرفة ألمح من أحد الممرات حديقة المنزل. أطير إلى‬ ‫أمي. حديقة المنزل مدهشة أمي، شهقت عندما رأيتها، أناس‬ ‫ٌ‬ ‫كثر هنا، كثر، مثل مكعب من الناس يقف فيها، لكن ال بأس،‬ ‫الحديقة جميلة، من يلوم زوارها، األعمدة الرخامية الضخمة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ذات العروق البّية أسرتني، لم أكن أعرف أن سماء الحدائق‬ ‫ّ‬ ‫نّ‬ ‫تحتاج إلى أعمدة رخامية أمي، ربما حديقتنا فقط،‬ ‫شيء طبيعي. حديقة كهذه قد يغمى على سمائها‬ ‫ُ‬ ‫في أي لحظة، فتنتني الشجرة ذات األوراق‬ ‫َ َ َْ‬ ‫اإلسطوانية الهشة الصفراء في الزاوية‬ ‫ّ‬ ‫اليمنى، لكن رغم كل شيء لماذا اخترتم‬ ‫ِ‬ ‫اللون األصفر لألشجار؟ هل الحظت أن‬ ‫الحديقة أصبحت كبيرة بالفعل؟ أصبحت‬ ‫تغطي المنزل، هل تعتقدين أنه سيكون‬ ‫من السهل الوصول إلى المنزل دائما رغم‬ ‫ً‬ ‫ذلك أمي؟ لم أكن أعرف أنكم كنتم تعملون‬ ‫001‬ ‫من أجل الحديقة. تقوم أمي بنظرة مرعبة بعينيها. أنصرف‬ ‫إلى غرفة فارغة، أحاول الحصول على جرعة، لعنات! إّها‬ ‫ن‬ ‫الشعيرية البيضاء الغبية مــجــدداً. أعّي ليست لــدي مشكلة‬ ‫ن‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫في استنشاق الشعيرية اآلن، لكن هذا صعب، لسبب بسيط،‬ ‫فتحة األنف أصغر بكثير من فتحة الفم، سيحتقن أنفي. أكره‬ ‫أن يحتقن أنفي، تذكرين؟ يحتقن أنفك دائما بعدما تبكين،‬ ‫ً‬ ‫ويصبح من الصعب التنفس من خالله، فتضطرين لترك فمك‬ ‫مفتوح ً، لكن برودة الهواء توجع أسنانك، فتعانين األمرين‬ ‫ا‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫وأنت تحاولين تنظيم دخول الهواء وخروجه بين أنفك وفمك.‬ ‫على أية حال ال بأس، يجب أن أركز اآلن وأرتب خيوط هذه‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫الشعيرية، حتى تمر بسالسة إلى أنفي. إنها دبقة ومتالصقة،‬ ‫ّ‬ ‫لعنات! وتتقطع باستمرار! ال فائدة. أبحث عن كيس، أربطه‬ ‫ّ‬ ‫بعد نقلها إليه، وأضعه في جيب سترتي الداخلي األيمن. يظهر‬ ‫أيمن في الغرفة، يبتسم بتواطؤ ويقول بعد أن يحول نظره من‬ ‫ّ‬ ‫األرض إلي: تعالي معي، سأعّمك كيف. أتجاهله وأتوجه إلى‬ ‫ل‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫أمي. هذا المنزل غريب أمي، أقول. تستاء أمي: هذا منزلنا، ال‬ ‫يمكن للمنزل أن يكون غريب ً. أنصرف للبحث عن أيمن. أعطيه‬ ‫ا‬ ‫كيس الكوكايين، يفرغ الكمية المتبقية منه على لوح، يد