فنون طبية fnoon issue 2 | Page 31

‎29‎

بمعونة السمع والبصر الشحيح , يديّ‏ , أتلمس بها الأشياء فأضيف إلى حاسَّ‏ تي السمع والبصر حاسة اللمس علّني أضيف بعض النور إلى تلك الغرفة الكروية فقد أيقنت أن الغرفة تزداد نوراً‏ كلّما زودتها بأسلحة الحواس التي تساعدني على إدراك وضعي ، أربعين غفوة أخرى , أصبحت متمكناً‏ وضليعاً‏ باستخدام أصابعي في تلمس الأشياء , لامست يداي كتاباً‏ غريباً‏ لكنه كان بمثابةِ‏ الكنز عندي فحروفه كانت بارزةً‏ تعلو الصفحات وبما أني ضليعٌ‏ بتلمس الأشياء رحت أتلمس الحروف بيدي وأفهم ما كان منقوشاً‏ فيه , كان كتاباً‏ عن الزهور وأنواعها وأشكالها وعطورها وعبيرها , صرت شغوفاً‏ بالزهور برغم حنقي وبغضي لتلك الزهرة التي وخزتني قبل أربعين غفوة , مهلاً‏ , لم تراني أبغض تلك الزهرة وهي التي دلتني على استعمال يديّ‏ عجيبٌ‏ أمري وغريبٌ‏ أمر الانسان يريد التعلم دون ألمٍ‏ وعناء , أولم يكن ألمها بمثابة وجع الطلق الذي يهب الحياة وهي التي وهبت الحياة ليديّ‏ , عشقت تلك الوردة التي كانت بمثابة قنديل أنار ظلام الغرفة , فقد صارت الغرفة اكثر ضياءاً‏ ونوراً‏ بعدما صرت أملك ثلاث حواسٍ‏ بتمامها , صارت

تلك الوردة أنيسي وجليسي أجلس طوال الوقت أغازلها لدرجة اني صرت أقدسها , حتى أشواكها صارت عندي مقدسةً‏ وإن وخزتني فان ألم الوخز المقدس لذيذ عندي فالإنسان حين يقدس شيئاً‏ لن يرى مساوئه وعيوبه التي توذيه وان آذته فانه يستلذ بذلك الألم كعزاء له او كقربان يقدمه في سبيل مقدسه , لم أدرك يوما ان مقدسي الجميل ناقصٌ‏ ، أبداً‏ ومحال , فالمقدس كامل مكمّل خال من كلّ‏ عيب , بعدما صارت الغرفةُ‏ منيرةً‏ بالشكلّ‏ الذي يكفي أن أرى فيه وردتي المقدسة , مقدسي الذي منعني من رؤية كتابٍ‏ آخر يتكلّم عن العطور وأنواعها , وبعد أربعين غفوة أخرى أدركت باني يجب أن اقرأ هذا الكتاب

يقول الكتاب أن أصل العطور ومصدرها هو الزهور , زهرتي المقدسة يا ترى ما أجمل عطرك الذي سأشمه بعدما صرت أملك حاستي الرابعة , لن أتقدم لأشم عبير زهرتي المقدسة الا بعدما أقيم الطقوس و أقدم القرابين , دنوت منها بعدما أغلقت تلك الفتحة الوحيدة التي في غرفتي والتي منها تدخل الأصوات فلا أريد الاصوات ان تشوشني وأنا أقيم الطقوس , مددت يديّ‏ أمسكت الغصن ذو الاشواك بين راحتيّ‏ وبرمته حتى نبتت جميع الأشواك فيهما وسال الدمع الرخيص أمام مقدسي الغالي وما أن أدنيت أنفي منها حتى خررت صَ‏ عِقاً‏ من ريحتها النتنة وكأن جثث الموتى في العالم أجمعه كُبَّت بين وريقاتها , ياللأماني الخادعات وياللمقدسات الزائفة وياللحواس الناقصة , عبثاً‏ حاولت أن أُغير هواء صدري النتن فركضت إلى الفتحة التي تدخل الصوت وفتحتها لكنها لم تدخل لي سوى الأصوات ولم أسمع منها إلا جملةً‏ ظلت ترن بأذني وتقول لولا التجارب لما انكشفت لنا الحقائق , فوقعت مغشياً‏ علّ‏ أربعين غفوة أخرى استيقظت منها وأنا