بمعونة السمع والبصر الشحيح , يديّ , أتلمس بها الأشياء فأضيف إلى حاسَّ تي السمع والبصر حاسة اللمس علّني أضيف بعض النور إلى تلك الغرفة الكروية فقد أيقنت أن الغرفة تزداد نوراً كلّما زودتها بأسلحة الحواس التي تساعدني على إدراك وضعي ، أربعين غفوة أخرى , أصبحت متمكناً وضليعاً باستخدام أصابعي في تلمس الأشياء , لامست يداي كتاباً غريباً لكنه كان بمثابةِ الكنز عندي فحروفه كانت بارزةً تعلو الصفحات وبما أني ضليعٌ بتلمس الأشياء رحت أتلمس الحروف بيدي وأفهم ما كان منقوشاً فيه , كان كتاباً عن الزهور وأنواعها وأشكالها وعطورها وعبيرها , صرت شغوفاً بالزهور برغم حنقي وبغضي لتلك الزهرة التي وخزتني قبل أربعين غفوة , مهلاً , لم تراني أبغض تلك الزهرة وهي التي دلتني على استعمال يديّ عجيبٌ أمري وغريبٌ أمر الانسان يريد التعلم دون ألمٍ وعناء , أولم يكن ألمها بمثابة وجع الطلق الذي يهب الحياة وهي التي وهبت الحياة ليديّ , عشقت تلك الوردة التي كانت بمثابة قنديل أنار ظلام الغرفة , فقد صارت الغرفة اكثر ضياءاً ونوراً بعدما صرت أملك ثلاث حواسٍ بتمامها , صارت
تلك الوردة أنيسي وجليسي أجلس طوال الوقت أغازلها لدرجة اني صرت أقدسها , حتى أشواكها صارت عندي مقدسةً وإن وخزتني فان ألم الوخز المقدس لذيذ عندي فالإنسان حين يقدس شيئاً لن يرى مساوئه وعيوبه التي توذيه وان آذته فانه يستلذ بذلك الألم كعزاء له او كقربان يقدمه في سبيل مقدسه , لم أدرك يوما ان مقدسي الجميل ناقصٌ ، أبداً ومحال , فالمقدس كامل مكمّل خال من كلّ عيب , بعدما صارت الغرفةُ منيرةً بالشكلّ الذي يكفي أن أرى فيه وردتي المقدسة , مقدسي الذي منعني من رؤية كتابٍ آخر يتكلّم عن العطور وأنواعها , وبعد أربعين غفوة أخرى أدركت باني يجب أن اقرأ هذا الكتاب
يقول الكتاب أن أصل العطور ومصدرها هو الزهور , زهرتي المقدسة يا ترى ما أجمل عطرك الذي سأشمه بعدما صرت أملك حاستي الرابعة , لن أتقدم لأشم عبير زهرتي المقدسة الا بعدما أقيم الطقوس و أقدم القرابين , دنوت منها بعدما أغلقت تلك الفتحة الوحيدة التي في غرفتي والتي منها تدخل الأصوات فلا أريد الاصوات ان تشوشني وأنا أقيم الطقوس , مددت يديّ أمسكت الغصن ذو الاشواك بين راحتيّ وبرمته حتى نبتت جميع الأشواك فيهما وسال الدمع الرخيص أمام مقدسي الغالي وما أن أدنيت أنفي منها حتى خررت صَ عِقاً من ريحتها النتنة وكأن جثث الموتى في العالم أجمعه كُبَّت بين وريقاتها , ياللأماني الخادعات وياللمقدسات الزائفة وياللحواس الناقصة , عبثاً حاولت أن أُغير هواء صدري النتن فركضت إلى الفتحة التي تدخل الصوت وفتحتها لكنها لم تدخل لي سوى الأصوات ولم أسمع منها إلا جملةً ظلت ترن بأذني وتقول لولا التجارب لما انكشفت لنا الحقائق , فوقعت مغشياً علّ أربعين غفوة أخرى استيقظت منها وأنا