فنون طبية fnoon issue 2 | Page 28

في ظلامي الصامت , فكنت أحسب أيامي بعدد الغفوات التي أغفوها , بعد أربعين غفوة اكتشفت بان هناك بعض الأشياء تغيرت في الغرفة أو فيّ‏ أنا , بعد الأربعين غفوة الأولى فُتحت لي فتحة بدأ يدخل منها الصوت إلى الغرفة الكروية التي فيها أنا , صار هاجسي الوحيد الإستماع للاصوات الداخلة من تلك الفتحة حتى ظننت باني صرت خبيراً‏ بترجمة الاصوات أعرف اسم الشيء من صوته الطيور وهديلها والعصافير وزقزقتها والماء وهديره وحفيف الاشجار خطى المارة هذا رجل وتلك امرأة وذلك طفل , أخذني العجب بنفسي كما الأيام الخوالي وكأني لم أتعظ , ذات يوم سمعت ضحكة رجل فرحان جداً‏ ففرحت لفرحه وقلت هنيئا له يا ليتني كنت مكانه فما أن اكملت أُمنيتي الخادعة حتى سمعت صوت المارة يصرخون امسكوا ذلك المجرم لقد قتله وهو سعيد بفعلته وكأنه لم يأت بأي اثم وجرم , ما أن أمسك به المارة حتى صرخ اتركوني لقد انتقمت من ذلك الظالم , صرخ المارة انت وليس غيرك الظالم فالمقتول كان رجلاً‏ طيباً‏ يعرفه الجميع , صرخ القاتل أنتم لا تعلمون ما أعلم , صرخت , أنا الذي لا أعلم ما تعلمون , أنا حبيس الظلمة دعوني أرى و أشاهد ما سمعته فالسمع وحده خداع , حينها ادركت باني لن استطيع الاعتماد على السمع وحده واني أحتاج لحواسيّ‏ َ الأخرى لأدرك ما يدور حولي , بعد أربعين غفوة أخرى اكتشفت شيئاً‏ أفرحني كثيرا , شيئاً‏ عجيباً‏ كيف أن الصوت بدأ يتحول إلى بعض النور الخافت جداً‏ وكان كلّما دخلت الاصوات إلى الغرفة الكروية كلّما زاد النور فيها بعض الشيء

بدأت أعشو بعض الخيالات لبعض الأشياء , وعاء فيها وردة , فرحت جدا فالورد جميل

تلمست طريقي لها متحسساً‏ ما حولها خوفاً‏ على الوعاء من الكس وضياع الوردة وما أن لامست يداي الوردة حتى لعنت النور الخادع وبصري الشحيح الذي منعني من رؤية اشواكها التي وخزتني , حينها انتبهت إلى شيء جديد يمكنني الاعتماد عليه

‎28‎