إعداد: الدكتور/ أحمد محمد زين المنّاوي
من الملاحظ أن محاكم الغربان تعقد عادة في أحد الحقول الزراعية أو في أرض فضاء واسعة، يتجمع فيها أفراد هيئة المحكمة في الوقت المحدد، ويخضع فيها الغراب المتهم للحراسة المشددة، ويكون منكسًا رأسه، خافضًا جناحيه، وممسكًا عن النعيق اعترافًا منه بذنبه.
سبحان الله! هكذا تقيم الغربان العدل الإلهي في الأرض أفضل مما يقيمه كثير من بني الإنسان، حيث يعد العدل عند الغربان من الأمور الغريزية الفطرية لأنها غير عاقلة ولا تشرّع لنفسها، ولكنها تتحرك بفطرتها المسلمة بأن الحاكمية لله وحده.
وعلى الرغم من هذه الميزات العديدة التي تتسم بها الغربان، فإن بعض الناس يتشاءمون من رؤيتها، ربما بسبب نعيقها المفزع وخشونة أصواتها، وربما للضرر الذي تصيب به المحاصيل في أثناء بذرها أو قبيل موعد حصادها، وربما بسبب افتراسها بعض الحيوانات الأليفة مثل الدجاج وفراخه وبيضه.
المعروف عن طيور الغراب أنها تجتمع حول الطيور النافقة من نفس جنسها، وتصيح بصوت عالٍ، حيث افترض الكثيرون أن ذلك جزء من طقوس جنائزية تقوم بها هذه الطيور. لكن الحقيقة ظلت تشكّل لغزًا إلى حد كبير، حتى أجرى باحثون من جامعة واشنطن الأمريكية مؤخرًا دراسة لكشف الحقيقة، حيث تبيّن من خلال التجارب العلمية التي أجراها الباحثون أن الغربان تدرك جيِّدًا ما يعنيه الموت، وأنها تهابه بشكل كبير، .
ولا تنسى أبدًا وجه من يُشكل تهديداً لها، ثم تُعلم غيرها من الغربان لتعنيف الشخص المشكوك فيه بصوت عالٍ، وأن مجاميع بأكملها من الغربان الأخرى تصيح بصوت عالٍ عند رؤية وجه ذلك الشخص، ولسنين عديدة لاحقة.
ما يهمنا هنا حقيقة أن وجود الغراب على الأرض سبق وجود الإنسان بأكثر من 55 مليون سنة، ونسبة لما يتمتع به من ذكاء وملكات فطرية وهبها له الله سبحانه وتعالى حق له أن يقف من ابني آدم موقف المعلم الذي علم قابيل قاتل أخيه هابيل كيفية دفن أوّل قتيل من بني آدم، وكلنا يعلم أن الدفن في التراب فيه تكريم للميت، ويمنع انتشار الكثير من الأمراض والأوبئة، كما يحافظ على نظافة البيئة وطهارتها.
طريق القران