30 النشرة الثقافية - العدد الأول
قيمة
قيمة الإنسان في عمله وجهده
العمل أساس الحياة التي نعيشها ونحياها ، فهو المصدر
الرئيسي للرزق الذي يرتجيه كل إنسان على وجه الأرض .. عرف الإنسان العمل منذ بدء الخليقة ؛ فالعمل بالنسبة له أحد العوامل الرئيسية لاستمرار الحياة وتوفير مستلزماتها ، والإنسان الذي لا يعمل غير فعّال وغير منتج وتقل أهميته ، لأن العمل هو الذي يحدد مستوى الإنسان المعيشي وقيمته في المجتمع . ويقول الدكتور شعبان محمد إسماعيل - أستاذ أصول الفقه بجامعة الأزهر : حثّ ديننا الحنيف على أهمية العمل في كثير من الآيات القرآنية الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة لأنه يعتبره عزةً وكرامةً للإنسان ودرعاً واقياً ضد الذل والحاجة . لذلك جاءت الآيات القرآنية بها أمر إلهي على وجوب العمل للإنسان مثل قوله تعالى ﴿ وَقُلِ اعْمَ لُوا فَسَ يرَ َى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُ ولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ، وَسَ ترُ َدُّونَ إِلىَ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّ هَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بمِ َا كُنْتُمْ تَعْ مَ لُونَ ﴾ ، « سورة التوبة : الآية » 105 ، ويقول الله تعالى لنبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - في هذه الآيات أن يقول لهؤلاء
الذين اعترفوا له بذنوبهم من المتخلفين عن الجهاد معه أن يعملوا لله بما يرضيه من طاعة وأداء فرائض ، فإن الله تعالى سيرى عملهم وسيردون يوم القيامة إلى من يعلم سرائرهم وعلانيتهم فهو سبحانه وتعالى لا يخفى عليه شئ من باطن أمورهم وظواهرها فيخبرهم إذا كان هذا العمل خالصاً لوجهه أو رياء أو طاعة أو معصية فيجازيهم على ذلك كله المحسن بإحسانه والمسئ بإساءته .
أهمية العمل
وتأتي أهمية العمل في الإسلام على لسان النبي - صلى الله عليه وسلم – في قوله : إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه ، ويجب أن يكون العمل الذي يعمله الإنسان عملاً شريفاً يراعي فيه شرع الله ونهج نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم ، وقواعد الإسلام وسلوك الأنبياء والصالحين تشير إلى وجوب العمل لاكتساب المال من وجهٍ حلال للإنفاق منه على النفس والأهل والارتقاء بهذا المال في الحياة ويستغني به عن السؤال . وأهمية العمل كبيرة وجليلة ؛ سواء للفرد أو للدول ، فالمجتمعات والدول يقاس مدى جديتها وتقدمها بمدى اهتمامها بالعمل ، والدول المتقدمة في العصر الحاضر لم تصل إلى هذا المستوى من التقدم في العلوم والتكنولوجيا إلاّ بجدية أبنائها في العمل . وأسلافنا المسلمون السابقون لم يبنوا حضارتهم الإنسانية الكبيرة إلاّ بإخلاصهم في العمل . لذلك حثّت كل الأديان السماوية على
العمل الجاد وحاربت البطالة لما لها من آثار سلبية على المجتمع ، بل جعل الإسلام العمل المفيد من أسباب الثواب وزيادة الحسنات ، وقد ورد في القرآن الكريم العديد من الآيات التي تتعلق بهذا المعنى ومنها قوله تعالى : ﴿ هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأْ َرْضَ ذَلُولاً فَامْشُ وا فيِ مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُ ورُ ﴾ ، « سورة الملك : الآية » 15 .
مهن وحرف
تضمنت السنة النبوية الشريفة العديد من النصوص التي تحث على العمل والكسب الحلال ؛ كما جاء في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم : ما أكل أحدٌ طعاماً خيراً من أن يأكل من عمل يده ، وقوله - صلى الله عليه وسلم : من أمسى كالاًّ من عمل يده أمسى مغفوراً له ، وأشار القرآن الكريم إلى بعض الأعمال والصناعات المفيدة ، فقد نوّه إلى مادة الحديد التي لها دور اليوم في مجال الصناعات في قوله تعالى : ﴿... وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَ دِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ ... ﴾، « سورة الحديد : الآية «، 25 وأشار إلى صناعة الملابس في قوله تعالى : ﴿... وَمِنْ أَصْ وَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلىَ حِينٍ ﴾ ، « سورة النحل : الآية «، 80 وإلى الزراعة في قوله تعالى : ﴿ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ ، أَأَنْتُمْ تَزْ رَ عُ ونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ ﴾ ، « سورة الواقعة : الآيتين
، 64 - 63 وكان أنبياء الله ورسله سلام الله عليهم جميعاً يعملون في مهن مختلفة ، فقد كان نبي الله آدم يعمل في الزراعة ونبي الله داود يعمل في الحدادة ونبي الله نوح يعمل في النجارة ونبي الله موسى يعمل راعياً
30 النشرة الثقافية - العدد الأول