النشرة الثقافية - العدد الأول 31
العمل
للغنم ، وسيدنا محمد – صلي الله عليه وسلم – في الرعي والتجارة ، كما أن من الصحابة الكرام من امتهن التجارة كأبي بكر الصديق والحدادة كخباب بن الأرت والرعي مثل عبد الله بن مسعود وصناعة الأحذية مثل سعد بن أبي وقاص والحياكة كالزبير بن العوام .
حقوق العاملين وواجباتهم
أكد الإسلام على أهمية العمل وضرورته للفرد والمجتمع ، فقد اهتم بحقوق العاملين وواجباتهم وحرص على أن يعطي العامل أجراً مناسباً ومجزياً ، وأن يصرف هذا الأجر فور استحقاقه ، كما جاء في حديث النبي – صلى الله عليه وسلم : اعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه , وتم وضع الأسس اللازمة التي من شأنها المحافظة على صحة العامل ومنحه الرعاية الصحية بما في ذلك حفظ النفس والعقل وإتاحة الفرصة له للراحة لأن لكل إنسان طاقة محددة ينبغي عدم تجاوزها قال تعالى : ﴿ لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسً ا إِلاَّ وُسْ عَهَا ... ﴾ ، « سورة البقرة : الآية «، 286 وقال - صلى الله عليه وسلم : روحوا القلوب ساعة بعد ساعة فإن القلوب إذا كلت عميت ، كما أكد الإسلام ضرورة قيام العامل بأداء عمله بالدقة والإخلاص وحذّر من خيانة الأمانة لقوله تعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُ ولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ ، « سورة الأنفال : الآية » 27 .
أنت تسأل ودار الإفتاء تجيب
السؤال :
ما حكم ترويج الإشاعات بما لها من آثار مدمرة اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً ؟ وما طرق علاجها شرعاً ؟ وما السلوك الإسلامي القويم إزاءها ؟
الجواب :
تضافرت النصوص الشرعية من الكتاب والسُّ نة على حرمانية المشاركة فيما يعرف في العصر الحديث بترويج الشائعات والتي تعني نشر الأكاذيب والأقاويل غير المحققة والظنون الكاذبة من غير أن يتثبَّت المرء من صحتها ، ومن غير الرجوع إلى أولي الأمر والعلم والخبراء بالأمور قبل نشرها وإذاعتها مماّ يثير الفتن والقلاقل بين الناس ، ووصف الله تعالى ما يسمى الآن بترويج الإشاعات « بالإرجاف » وهو ترويج الكذب والباطن بما يوقع الفزع والخوف في المجتمع ، فقال تعالى : ﴿ لَئِ ْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فيِ قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فيِ الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لاَ يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلاَّ قَلِيلاً ، مَلْعُونِينَ أَيْنَماَ ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً
﴾ الأحزاب : 61-60 . وأصل الإرجاف من الرجف وهو الحركة ؛ فإذا وقع خبر الكذب فإنه يوقع الحركة بالناس فسمي إرجافاً . كما يندرج ترويج الإشاعات تحت النهي عن قيل وقال فقد أخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال :
إِ نَّ اللهَ كَرِهَ لَكُمْ ثثَلاَثًا : قِيلَ وَقَال َ ، وَ إِضَ اعَةَ الْماَ لِ ، وَكَثرْ َةَ السُّ ؤَالِ ، ويدخل في قيل وقال الخوض في أخبار الناس وترويج الأكاذيب والضاليل وما يثير الفتن . كما أن مروِّج الإشاعة لو أدرك عظم الجرم الذي يفعله بسبب الآثار المدمرة للإشاعة على المجتمع لما استهان بصنيعه قط ، وقد أخرج البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال : إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْ وَانِ الله ِ ، لاَ يُلْقِي لَهَا بَالاً ، يَرْفَعُهُ اللهُ بِهَا دَرَجَاتٍ ، وَ إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَ خَطِ اللهِ
، لاَ يُلْقِي لَهَا بَالاً يَهْوِي بِهَا فيِ جَهَنَّمَ ، ولا شك أن ترويج الإشاعات يندرج تحت تلك الكلمات التي لا يلقي لها بالاً فيدخل بها صاحبها في سخط الله تعالى ويهوي بها في جهنم والعياذ بالله . وعلاج الشائعات إنما هو بوأدها في مهدها قبل تفاقمها والامتناع عن إذاعتها ، وحتى مع التثبت من صحة إشاعةٍ ما لا يعني ذلك المسارعة في نشرها والإرجاف بها ، بل لابد من الرجوع في شأنها إلى أولى الأمر وأهل العلم .
والله سبحانه وتعالى أعلى وأعلم .
النشرة الثقافية - العدد الأول 31