8 النشرة الثقافية - العدد الأول
روح العمل والتضامن في الشعب المصري ووضع أساس سليم للتربية الاقتصادية في البلاد . وكان أول مقر للبنك في شارع الشيخ أبو السباع .
قد كانت أموال المصريين توضع في البنك الأهلي حيث يتم توجيهها لإنشاء المشاريع بدول أوروبا ولا تستفيد منها مصر . وقد تعطلت عملية إنشاء البنك 8 سنوات كاملة بسبب قيام الحرب العالمية الأولى ، حتى إذا ما اشتعلت الثورة المصرية في عام 1919م كانت نفوس المصريين قد تهيأت لقبول الفكرة فدعا طلعت حرب مع رفاقه المخلصين إلى الكفاح ضد سيطرة الأجانب الاقتصادية على المقدّرات المصرية . وبخطوات هادئة واثقة ظل طلعت حرب يدعو لمشروع البنك ، وحين سمع بذلك المستشار المالي الانجليزي استدعاه لمقابلته وقال له : « هل تتصور أن المصريين يستطيعون أن يديروا بنكاً ؟ إنها صناعة الأجانب وحدهم » ونصحه بأن يشرك الأجانب في أي بنك يفكر بإنشائه حتى يثق المصريين بهذا البنك .. فرد عليه طلعت حرب بثقة : « لقد قررت أن يكون هذا البنك مصرياً مائة بالمائة » . أقنع طلعت حرب مائة وستة وعشرين من المصريين بالاكتتاب لإنشاء البنك وبلغ ما اكتتبوا به ثانون ألف جنيهاً ، وفي الثلاثاء 13 أبريل عام 1920م نشرت الوقائع المصرية في الجريدة الرسمية للدولة مرسوم تأسيس شركة مساهمة مصرية تسمى « بنك مصر » حيث تم الاحتفال بتأسيسه مساء الجمعة 7 مايو في دار الأوبرا السلطانية المصرية . تأسس البنك واشترط أن تكون أسهمه إسمية لا يمتلكها إلاّ المصريون ، كما قرر
جعل اللغة العربية لغة البنك الرسمية في كل أعماله وشئونه . على أن يقوم بإدارة البنك مجلس إدارة والذي تم انتخابه كالآتي - أحمد مدحت يكن باشا رئيساً للمجلس
- يوسف أصلان قطاوي باشا وكيلاً - محمد طلعت حرب بك نائباً للرئيس وعضو مجلس الإدارة المنتدب
- الدكتور فؤاد سلطان بك عضو مجلس
الإدارة المنتدب بالإنابة أمّا باقي الأعضاء فهم : عبد الحميد السيوفي وعلي ماهر وعبد العظيم المصري واسكندر مسيحة ويوسف شيكوريل وعباس الخطيب وأعلن للناس برنامج البنك الذي لخّصه في : تشجيع المشروعات الاقتصادية المختلفة التي تعود على البنك وعلى البلاد بالخير الوفير وفي المساعدة على إنشاء الشركات المالية والصناعية والتجارية والزراعية ، وكذلك إنشاء الغرف التجارية والنقابات التعاونية ، وأيضاً بث
رؤيته لمستقبل الصناعة
وبعد سنوات قليلة من بدء نشاط البنك يبدأ فكر طلعت حرب بشأن الصناعة والتصنيع يتبلور ، فيشير إلى حجم قطاع الصناعة في هيكل الإنتاج والعمالة والذي لا يزيد عن ثُ ن العاملين في الزراعة ، فيقول في خطبة افتتاح بنك مصر بالمحلة الكبرى سنة 1934م : " إن في القطر المصري عيباً جوهرياً في تكوين الطبقة العاملة وتوزيع جهدها على مختلف نواحي الإنتاج ، وهذا الزمن الحديث يستدعي أن يزيد اهتمامنا بالصناعة على الأقل فيما لدينا من موادها الخام " . ولم تكد تمضي على هذه الزيارة ثلاث سنوات حتى كان طلعت حرب يؤسس كبرى شركات بنك مصر الصناعية وهي " شركة مصر للغزل والنسج بالمحلة الكبرى " في سنة 1927م ، والتي تم تأسيسها برأس مال قدره 300 ألف جنيه ، واستقدم خبراء هذه الصناعة من بلجيكا وأرسل بعثات العمال والفنيين للتدريب في الخارج ، وبفضل وجودها ازدهر مجتمع مدينة المحلة الكبرى واتسعت رقعته وأصبح مركزاً صناعياً من الطراز الأول وأصبحت الشركة إحدى الدعامات الرئيسية التي يقوم عليها اقتصاد البلاد ، وتلاها بالعديد من الشركات
في كافة المجالات الاقتصادية .
8 النشرة الثقافية - العدد الأول