Delta-N Journal مجلة دلتا نون May. 2014 | Page 34

‫مقاالت‬ ‫التدوين السوري وجدلية االلتصاق بالواقع‬ ‫مل يكن انتشار املدونات يف سوريا حتى فرتة قريبة بالكثافة املطلوبة مثلام هو الحال يف دول العامل واملنطقة‬ ‫العربية، حيث بقي التدوين ألسباب تقنية وحكومية بتأثري سياسة الحجب السابقة، محصورا ً بفئات قليلة من‬ ‫املهتمني النخبويني والصحافيني العاطلني عن العمل أو السوريني املغرتبني، ليكتسب التدوين تدريجياً أهمية أكرب‬ ‫يف ظل األزمة السياسية التي تعيشها البالد، حتى تكرس يف األذهان كنشاط فكري معارص بشمولية امللتيميديا،‬ ‫ومل يعد مقبوالً النظر إليه كمجرد هواية لقطع أوقات الفراغ بعكسه فنوناً كاملة من الكتابة واألدب إىل التصوير‬ ‫والغرافيكس مرورا ً بالصحافة وإعالم املواطن وغريها، لتربز بحدة قضية انعكاسات األزمة الطويلة يف البالد سياسياً‬ ‫وأمنياً واجتامعياً واقتصادياً، عىل قرارات املدونني السوريني فيام يقدمونه للجمهور.‬ ‫وتشهد أروقة اإلنرتنت اليوم، والدة جيل كبري من املدونني الذين وجدوا يف التدوين صيغة أكرث رسمية رمبا‬ ‫للتعبري عن أفكارهم مقارنة بالرثثرة اليومية عىل الشبكات االجتامعية التي احتلت صدارة اهتامم رشائح واسعة‬ ‫من الجمهور يف عرص الومضات عىل ‘فايسبوك’ و‘تويرت’، وبتنا نالحظ والدة مجتمعات افرتاضية تضم املدونني‬ ‫معاً كـ ‘اتحاد املدونني السوريني’ وصفحة ‘مدونات سورية’ عىل ‘فايسبوك’، أو موقع ‘كوكب سوريا’ الذي يجمع‬ ‫التدوينات السورية لعدد كبري من املدونات ويعيد نرشها عرب الـ ‘‪.’RSS‬‬ ‫ال يوجد إحصاء دقيق لعدد املدونات السورية اليوم، خاصة أن هناك قسامً من املدونني ال يفصح عن هويته‬ ‫الشخصية لسبب أو آلخر، وتنشط معظم تلك املدونات عىل محريك ‘ووردبرس’ و‘غوغل’ فيام يبقى استخدام‬ ‫منصة ‘تامبلر’ محدودا ً، وتتنوع اهتاممات أولئك جميعاً بني املذكرات الشخصية البسيطة وصوالً للتحليالت‬ ‫السياسية املعمقة مرورا ً بعرشات املواضيع املتخصصة والعامة األخرى.‬ ‫مدى التصاق املدونني بالواقع السوري يف ظل الحرب األهلية التي تعصف بالبالد منذ العام 1102 ليست‬ ‫متشابهة لدى الجميع، حيث تتحكم القرارات الفردية واملزاجية الذاتية بالتدوين إىل حد كبري، نقطة فاصلة بني‬ ‫التدوين كفن إعالمي (مجازياً) وبني العمل االحرتايف يف وسائل اإلعالم التقليدية، وإن كان العمل االحرتايف محصورا ً‬ ‫بضوابط الزمان واملكان وقيم األخبار املتعددة، فإن التدوين يتحرر من ذلك نحو آفاق أوسع للتعبري عن الذات‬ ‫دون قيود.‬ ‫43‬ ‫العدد 0‬ ‫أيار / مايو ـ 4102‬