مقاالت
دور النساء السوريات يف العدالة االنتقالية
تعيش سوريا مرحلة مخاض عسري تهدد مبوت الجنني واألم يف الوقت نفسه، بداللة ارتفاع نسب العنف
يف املجتمع السوري، وتزايد عدد ضحاياه من ق تىل ومهجرين ونازحني ومخطوفني...إلخ، إىل جانب تدمري البنى
التحتية يف الدولة، وغريها من اآلثار الكارثية للرصاع املمتد منذ ثالث سنوات، وال يزال مستمرا ً بدون توضح مالمح
حل لو بعيد األمد يلوح يف األفق.
ورغم أن الوضع الحايل عىل الصعيد السيايس وامليداين بعيد عن تحقيق حلم العدالة االنتقالية، والتي هي
رضورة ملحة للخروج من هذا املأزق الدموي، إال أن التخطيط لها وتهيئة البنية املجتمعية والكوادر الالزمة
لتحقيقها مسألة يف بالغ األهمية، عدا عن كونها عامل مساعد يف نرش السالم وتكريس قيمه يف املجتمع السوري
الذي يشتاق لسالم ابتعد عنه طويالً.
وكام أكدت كثري من االتفاقيات الدولية((( من خالل تجارب الدول، مأسوية نتائج النزاعات املسلحة عىل
النساء واألطفال، ركزت اتفاقيات أخرى((( عىل أهمية دور النساء يف صنع السالم. وال يبتعد الواقع السوري وحال
النساء عن التوصيف الذي استقت منه االتفاقيات السابقة خالصاتها، فاإلحصاءات والدراسات امليدانية املهتمة
بواقع النساء السوريات ومعاناتهن عىل اختالف أشكالها، حقيقة تؤكد عىل رضورة انتفاض النساء ذاتهن عىل
الواقع املأسوي الذي يعشنه، واملساهمة يف تحقيق السالم السوري الذي سيولد من رحم السوريات اللوايت يجب
أن يؤمن بقدراتهن عىل إنتاجه واملشاركة الحقيقية يف صنعه.
ترتبط العدالة االنتقالية مبسألة االنتقال الدميقراطي، وكال املفهومني من قضايا الشأن العام وتساهم الدراسات
الفكرية يف تبني مالمحهام ودور النساء ومشاركتهن يف تحديد مستقبل الدول الساعية إىل تكريس املنهج
الدميقراطي السليم.
األمر الذي يستوجب توفر جملة من الرشوط الذاتية واملوضوعية تأيت يف مقدمتها رضورة تصالح الدولة
مع ذاتها، واالعرتاف بأخطائها وتصحيح ما اعوج من ترشيعاتها وقوانينها ويشكل صعوبات وتحديات متنع من
تحقيق هذا الدور.
1 إعالن بشأن حامية النساء واألطفال يف حاالت الطوارئ والنزاعات املسلحة والصادر عام 4791.
2 قرارات مجلس األمن يف األمم املتّحدة رقم 5231 و0281 و8881 حول املرأة واألمن والسالم.
62
العدد 0
أيار / مايو ـ 4102