أحمد لطفي Sr . Architect - cum Artist- ahmad . lutfi . v @ gmail . com
افتتاحية العدد السادس
اقرأ , لأن الكتابة والرسم هي أول نمذجة للبيانات على الإطلاق !
عن علم نمذجة معلومات البناء نتحدث , أجل وبالعربية ولكن , ولنؤكد ما توصلت اليه من نتائج يا “ باش مهندس ”, أو كما تحب أن تُدعى , سنقوم بمراجعة علمية لمبدأ النمذجة بعيدا عن الهندسة ! سجل التاريخ اكتشافات أثرية لرسومات معمارية تعود للألفية الرابعة قبل الميلاد , حاول فيها “ الباش مهندس ” في تلك الأيام رسم المساقط والواجهات في مخطط واحد بأسلوب رائع يضمن تطابق كامل بينها في التنفيذ , لكن تلك الرسومات لم تكن مزودة ببيانات كافية لتسهيل القيام بالعمل . كانت بيانات متواضعة وليست كالبيانات التي وُ جدت في اللوح الطيني المسماري المسمى “ شحنة النحاس ” والذي سجل رفض استلام كمية نحاس موردة لمخالفتها للمواصفات في اشارة لاتفاق آخر محفوظ في مكان محايد للطرفين هو المعبد . وكانت الكمية قد طلبت لتنفيذ مشروع ما في ما سُمي آنذاك “ القصر ” مع الإشارة للأضرارالمترتبة على تأخير موعد التسليم , اضافة للمطالبة باسترداد المبلغ المدفوع , لكنها -ومع كل ما سبق- كانت بدون رسومات تنفيذية ! يعود تاريخ هذا اللوح الطيني الى الألفية الثانية قبل الميلاد وهو لا يزال محفوظ حتى اليوم في المتحف البريطاني .
حسناً , لا بد أنك تعلم ذلك , لكن ماذا بعد ؟
ترجّح الإكتشافات التاريخية أنه وقبل 6000 عام من تاريخ إصدارهذا العدد , اتفق مجموعة من أجدادنا -هنا في الشرق - على إعطاء شكل للرقم المعدود و للحرف الصوتي المنطوق لتسجيل المعلومات المختلفة , مخترعين – بقصد أو بدون قصد - أول نموذج لتبادل البيانات في التاريخ , أما الرسم فهوموجود قبل ذلك بكثير لاستعماله في عدة مجالات حياتية , لكن أحد نظامي النمذجة هذين لم يستطع دفع عجلة تطورالعمران و صنعة البناء لوحده , بل تطلب الأمرالنظامين معاً : الرسومات المعمارية لرسم الأشكال , وأبجدية الكتابة ملأت تلك الأشكال بمعلومات ورموز وأرقام لا غنى عنها . ذلك أن الرسومات المعمارية أو التنفيذية بشكل عام ستكون أقرب الى لوحة فنية لو كانت بدون بيانات مسجلة عليها . وحتى أنت يا “ باش مهندس ” لو دخلت نقاشا لاتخاذ قرار في الموقع بدون بيانات فستكون مجرد شخص ذو رأي مغاير ولن تستطيع اثبات أيّ شيئ !
تطورنظام نمذجة الأبنية الناتج من اتحاد النظامين السابقين و ازداد دقةً وتطوراً مع مساهمات علوم مختلفة كالفنون البصرية , الفيزياء , الرياضيات , علم الاجتماع ,.. وأخيرا وليس آخرا تقنية المعلومات ... تأثّر بكل تلك العلوم وأثّر بها فساعدنا على مر التاريخ على ادخال بيانات - لم تكن ملموسة أو قابلة للتصور كالزمن , الحرارة , الصوت , الجهود والأحمال و التوتر ... الخ الى نطاق الحواس و حيز الفهم بهدف استخدامها والتعامل معها .
BIMarabia 4