123
. 1 الصّ دمة
سوف نُعرِّف ، في هذا القِسم ، " الصدّمة " ونَصِ ف الاستجابات الفسيولوجية والنَّفسية للأحداث التي تُهدّد الحياة تهديداً بالغاً. وتظهر ردود أفعال النَّاس في مثل هذه التّجارب بطرقٍ عديدة ، إلاَّ أنَّ بعض أنماط السّ لوك تُعتَبَرُ شائعة. ونَصِ ف أدناه ردود الأفعال الفورية وطويلة الأمد ، التي نُصادِفها بصورةٍ اعتيادية وفي أحيانٍ كثيرة ، على التّهديدات ، والأخطار ، وأشكال العُنف المُهينة.
الجزء الثالث: النّظرية
ردود الأفعال على الضغوط النَّفسية الشديدة والأحداث التي تُهدِّد الحياة:
دائماً ما يتعرَّض الإنسان للأحداث الصّ ادمة. فقد كانت ردود أفعالنا الفسيولوجية وما زالت على الأرجح ، مُنتَظمةً على نحوٍ لافتٍ بمرور الوقت. ومن الصّ عوبة بمكان أنْ نتنبَّأ أيُّ الأحداث تُسبِّب ردود الأفعال على الصّ دمة ؛ وذلك نظراً إلى أنَّ تَصوُّراتنا للتّهديد تُؤثِّر تأثيراً كبيراً
على أثره النَّفسي والفسيولوجي فينا. فبعض النَّاس ينجونَ من تجارِب خطرة جِ داً دون أنْ تظهرَ عليهم أيّ أعراضٍ ، في حين أنَّ آخرين ، مِمّن يمرّون بالموقف نفسه ، سوف يتأثّرون أو يُصابون بالمرض الشديد. ويُوظِّ ف الأفرادُ مجموعة من استراتيجيات التّعامل مع الوضع ، كما يتحمَّلون الضغوط النّفسية بدرجاتٍ مُتفاوِتة ، مِمَّا يعكِسُ الكيفية التي يُفسِّ رون بها أوضاعهم ، ومدى حسَ اسِّ يتهم ، إضافةً إلى الكيفية التي يستجيبيون فيها للمُجتمع المُحيط بهم.
العامِل المُجْ هِد:
يجب وجود عاملٌ مُجهِد( مُسبِّب للضغوط) stressor لكي يحدثُ ردّ فعلٍ مُتواصل باستمرار. ولكي يُصبِحُ الشّ خصُ مَصدوماً ذِهنياً أثناء النّجاةِ من الحدث الصّ ادِم ، فإنَّه ينبغي مروره بشيءٍ يُتَصَ وَّر أنَّه كارثيٌّ وأنَّه يُهدّد حياته وسَ لامته( حسب تعريف مُنظّ مة الصّ حة العالمية (. وبالنِّسبة إلى بعض النَّاس ، فمُجرَّد رؤية حَ دثٍ كهذا قد يكون كافياً للإصابة بصدمةٍ ذهنية. ومن الأمثلة على العوامِل المُجهِدة حدوث الزلازل ، أو المدّ البحري " التّسونامي "، أو الحرب ، أو السّ طوِ على أحدِ المَصارِف ؛ وقد يكون تجربةً مُستَمرِّرة للعُنف الأُسَ ري أو الفقر.
وعلى الرَّغم من أنَّ النَّاس يُظهرون ردود أفعال على الضغوط النّفسية والتّهديداتٍ بصورةٍ مُختلِفة ، إلاّ أنَّ أحداثاً كالاغتصاب ، والتّعذيب ، والعُنف المُرتَبِط بالحروب مثلاً ، يعيشها جميع النّاس تقريباً كأحداثٍ صادمة ، بغض النَّظر عن الثَّقافة ، أو عوامل أخرى كالسِّ ن أو النّوع الاجتماعي. ولهذا السَّ بب فإنَّه لمن الطبيعي ظهور بعض أعراض الصّ دمة ، أو العديد منها بعد التَّعرُّض لمثل هذه التّجارِب.
ردود الأفعال على الصّ دمة:
أدرجنا تالياً أكثر أشكال ردود الأفعال تِكراراً بعد وقوع الأحداث الصّ ادمة. فتوصيفاتنا مبنيةٌ على أنظمة التّشخيص العالمية ، وبصورةٍ رئيسية على الدليل العالمي التّشخيصي الإحصائي الرابع للاضطرابات النّفسية " DSM-IV "( الرّابطة الأمريكية للطّ ب النّفسي لعام
) 1994 والتَّصنيف الدولي للأمراض لدى مُنظّ مة الصّ حة العالمية " ICD-10 ".
ردود الأفعال على الضغوط النّفسية الحادة:
تُعرِّف مُنظّ مة الصّ حة العالمية ردود الأفعال على الضّ غوط النّفسية الحادة " بأنَّه اضطرابٌ عابر ينشأ داخل الفرد دون أيّ اضطراب نفسي آخر واضِ ح ، ردّاً على الضغوط النَّفسية والذّهنية الاستثنائية ، ويَخْ مُدُ عادةً في غضون ساعاتٍ أو أيامٍ "( التَّصنيف الدولية للأمراض
"(. ICD-10 "
ويُظهر النّاس عادةً سلوكاتٍ غير مُنتظمة ومُتغيِّرة ، ويكونوا أيضاً ، في أغلب الأحيان ، وفَور وقوع الصّ دمة ، مصابين بالذّهول " مذهولين "، كما يجدون صعوبةً في التّركيز أو الانتباه. وقد يشعرون أنَّ ما حدث لهم ضربٌ من ضروب الخيال( غير حقيقي (، وقد يتصرَّفون بطريقةٍ
طبيعية كما لو أنَّ شيئاً لم يكن. وقد يصبحون مُشَ تَّتي الانتباه إذا كانت المُنبِّهات قويةً جداً.
وعقب ذلك ، قد ينسحب بعض النّاس ، أو ينفصلون ، أو يصابون " بالدهشة والذّهول "، بينما يستجيب البعض الآخر بالذّعر والرّغبة في الهروب. ويظهرون علاماتٍ على القَلق والخوف ، أو تسارع ضربات القَلب ، أو التّعرُّق ، أو الغثيان ، أو التَّقيؤ ، أو الارتِعاشات ، أو خفقان القَلب ، أو صعوبات في التنفّس ، أو سِ لسلة من الأوجاع والآلام. وتُعتَبر صُ داعات الرأس وآلام المَعدَة والعضلات مألوفةً جداً. ولا يستطيع بعض النَّاس استِحضار ما حَ دَث.