aldoha magazine N 75 | Page 62
باعتبــاره واقعــا سياســي ً. كّــا نعيــش
ا ن
ً
فــي ذلــك الوقــت، حقبــة ضيــاع اآلمــال
وهزيمــة يونيو/حزيــران المروعــة،
ِّ
وســطوة زعيــم مهــزوم حتــى أذنيــه،
َّــق حــول كاتــب كبيــر نحبــه
وكنــا نتحل
ُّ
ونقــدره، نأتــي حامليــن مخطوطــات،
ِّ
فيأخذهــا ليقرأهــا، ويعيدهــا مشــفوعة
برأيــه. ظلــت حقبــة ننتمــي إليهــا بســبب
ّ
ً
اهتمامهــا بالفقــراء، وألننــا كّنــا َّمنــا
ل تعل
فــي مدارســها، وآمّــا بقيمهــا؛ عــن
ن
العدالــة االجتماعيــة، والتحــرر الوطنــي،
ومقاومــة االســتعمار. لكننــا جميع ـا كنــا
ً ّ
نشــكل معارضــة لذلــك الزعيــم الــذي
ِّ
اســتبدل ذاتــه باألمــة.
ّ
§ تمثــل القريــة القديمــة أهــم تجّيــات مــا
ّ ل
تكتبــه.. اآلن تغيــرت القريــة فــي شــكلها
َّ
العــام، سياســيا واجتماعي ـا واقتصادي ـ ً.
ا
ً
ً
فبعــد هجــرة المصرييــن إلــى الخــارج
للعمــل كأجــراء، تغيــر كل شــيء. لمــاذا
ّ
َُ
تهتــم كثيــرًا بالكتابــة عــن زمــن وّــى
ل
ّ
وانقضــى؟
أنتمــي إلــى قريــة لــم يعــد باقيــاً
منهــا شــيء، ال ناســها وال شــكلها القديــم.
مأســاة أن يبــاد عالــم رأيتــه رأي العيــن،
َ
ُ
وأنــت مــا تــزال تعيــش زمنــك. فــي قصــة
«قصــاص األثــر» يصــرخ البطــل: «غايتــي
أن أســتحوذ علــى زمــن يضيــع». عبــد
الحكيــم قاســم وخيــري شــلبي ومحمــد
مســتجاب وقبلهــم يوســف أدريــس وأنــا,
جميعنــا عشــنا تلــك األزمنــة المراكمــة
للوعــي الجماعــي. وذاكرتنــا محتشــدة
بحركــة األســاف وكثافــة حضورهــم فــي
الهيــاكل المتداعيــة للــدور القديمــة. أنــا
عشــت تلــك األيــام، وخبــرت عــز فقرهــا
ُ ّ
ُ
وحاجتهــا، وعشــت اعتزازهــا بروحهــا.
ُ
انظــر إلــى مــا كتبــه هــؤالء الكتــاب
ّ
األماجــد، كّهــم يحاولــون الحفــاظ علــى
ل
ذاكــرة تضيــع وبشــر يذهبــون للنســيان.
تفنــى المراحــل وتفنــى الــدور، والبشــر
يغيبهــم النســيان لكنــك ســوف تجســدهم
ّ
ِّ
علــى الــورق. كنــت شــغوفا بهــم، وكان
ً
ُ
يأخذنــي الغــرور. وأحلــم بخلودهــم علــى
الــورق. اآلن القريــة ليســت هــي. عــم
َ ّ
26
الغنــى البعــض، واألغلبيــة تعيــش علــى
الســتر. متغيــرات فادحــة فــي زمــن عــم
ِّ
َ َّ
فيــه الفســاد والثــروات الحــرام.
§ يشــكل المــوت فــي القصــص هاجســا
ً
ّ
أساســيا فــي مــا تكتــب. المــوت عنــدك
ً
دورة أخــرى لوجــود االنســان. مــا تلــك
الحفــاوة بذلــك الرحيــل المحــزن؟. لمــاذا
يمتــد نشــيدك القــادم مــن األفــق الغربــي
ّ
بهــذا الحــزن المــروع؟
ِّ
أنــا لــم أنظــر أبــدًا للمــوت باعتبــارهنهايــة لحياتنــا. تذكــر أجــدادك هــؤالء
الذيــن بنــوا تلــك المقامــات والتكايــا
واألضرحــة، وتلــك األهــرام الر