aldoha magazine N 75 | Page 160
إنعام كجه جي
جاري شهيد من تونس
ٌ
رفعــت البنــت رأســها وأشــارت نحــو بنايــة فــي الطريــق،
وســألت: «مــن هــذا يــا ُأمــي؟»
ّ
نظــرت حيــث أشــارت، واســتغربت ألننــي لــم أنتبــه مــن قبــل.
ِّ
كانــت هنــاك جداريــة شاســعة مرســومة علــى بــرج شــاهق تمثــل
رجـا عربــي المالمــح، ذا شــعر أجعــد كثيــف يرتفــع كاشــفا عــن
ً
ً
ّ
جبهــة عريضــة، وشــارب صغيــر محــدد علــى عــادة أهــل الزمــن
َّ
الماضــي. ولــم نكــن فــي حاجــة ألن نقتــرب مــن الصــورة لكــي
نتبيــن تفاصيلهــا، فقــد كان «جارنــا» الجديــد فــي حــي المكتبــة
َ ّ
الوطنيــة فــي باريــس مــن الوضــوح بحيــث خيــل لــي أنــه هبــط
ُ ِّ
علينــا مــن فــوق، وبــات يهيمــن علــى المنطقــة كلهــا.
كانــت مالمحــه تعنــي لــي شــيئ ً، لكــن اســمه ظــل يعاندنــي
ا
حتــى قــرأت أســفل الجداريــة عبــارة «ُأحبــك يــا شــعبي».
ّ
والتوقيــع: فرحــات حشــاد. مــن هــو فرحــات حشــاد يــا ُأمــي؟ هــل
علــي أن أخجــل مــن نفســي ألننــي لــم أتعــرف إليــه مــن النظــرة
ّ
ُ
األولــى أم مــن ابنتــي الشــابة التــي درســت العالقــات الدوليــة
ولــم تســمع باســمه؟ مــن يعــرف فرحــات حشــاد مــن عمــوم أبنــاء
أجيالنــا العربيــة الجديــدة؟ إن الصداقــات وعالقــات التعــاون
الدولــي ال يمكــن أن تحجــب حقائــق التاريــخ. وفرنســا نفســها ال
ً
تنكــر تاريخهــا االســتعماري وأنهــا أنجبــت أجيــاال تمتلك شــجاعة
النظــر فــي عيــن العــار، وتجتهــد لالعتــذار عنــه وترميــم آثــاره.
كــم مــرة ســمعت ص