aldoha magazine N 75 | Page 142

‫حينمــا يتعــرض فنان تشــكيلي للكتابة عن تجارب زمالء ال يســتطيع أن يفصــل ذائقته وقناعاته‬ ‫بالعملية اإلبداعية عما يراه من تجارب اآلخرين، وكثيرًا ما يضع نفسه في قلب العمل الفني الذي‬ ‫يراه ويتخيل لو أنه هو الذي أنتج هذا العمل ماذا كان ســيفعل؟ وبالتالي ســتكون كتاباته ال تخلو‬ ‫َّ‬ ‫من تحيز لوجهة نظره في الفن.‬ ‫ُّ‬ ‫ثالث تجارب وأمكنة‬ ‫عبدالوهاب عبداملحسن‬ ‫فــي عــام 3102 لفــت نظــري ثالثــة‬ ‫معارض، وبالمصادفة كانت لثالث فنانات‬ ‫مــن جيــل واحــد قدمــن ثــاث تجــارب جــادة‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫ومتنوعة لها عالقة بالهوية والخصوصية‬ ‫ِّ‬ ‫المصرية.‬ ‫إيمــان أســامة، ونادية وهدان تعيشــان‬ ‫في القاهرة بحيث يشــكل المحيط الصاخب‬ ‫والمزدحــم إطــارًا ضاغطـا يجعــل كل فنانة‬ ‫ً‬ ‫تدخــل فــي عزلتهــا تســتلهم موضوعــات‬ ‫معارضهــا. أمــا الفنانــة الثالثــة إيمان عزت‬ ‫فتشكل بيئتها المفتوحة على الطبيعة اإلطار‬ ‫الذي تستلهم منه موضوع معارضها والتي‬ ‫يتجلــى فيهــا فعل التأمــل اليومي.‬ ‫ّ‬ ‫ُّ‬ ‫فــي معرضهــا المعنون بـ «حر.. متجمد»‬ ‫ِّ‬ ‫ّ‬ ‫الــذي أقيــم بقاعــة البــاب فــي متحــف الفــن‬ ‫المصــري الحديــث بســاحة األوبــرا، قدمــت‬ ‫َ َّ‬ ‫إيمان أســامة لوحات رســم ملون مستفيدة‬ ‫َّ‬ ‫من دراستها لفن الجرافيك في تنفيذ أعمالها‬ ‫مــن حيــث طبقــات الرســم والتلويــن علــى‬ ‫241‬ ‫الــورق، اهتمــت إيمان بالنقش على ســطح‬ ‫اللوحــة مهتمــة بالتفاصيــل فــي خلــق عالم‬ ‫مبهج وممتلئ بالزخارف، وال تنسى إيمان‬ ‫أنهــا أنثــى تحيــط نفســها بســياج مــن اللون‬ ‫األســود وكأنها تغلق صندوقا من األســرار‬ ‫ً‬ ‫حــول نفســها لدرجــة أن هــذا الخــط أصبــح‬ ‫مالزمـا لهــا وبصمــة لهــا فــي كل لوحاتهــا.‬ ‫ً‬ ‫وللــون عنــد إيمــان أســامة طعــم الشــجن،‬ ‫ِ َّ‬ ‫وللزهــور رائحــة القرابيــن، وفــي العيــون‬ ‫حزن نسائي مكتوم، كل هذا تنسجه بمهارة‬ ‫فائقــة لتوصيل حالــة بذلت الفنانة مجهودًا‬ ‫فــي مداراتها.‬ ‫المعرض الثاني بعنوان «نوســتاليجيا»‬ ‫للفنانــة نادية وهدان، أقيم بمركز الجزيرة‬ ‫للفنــون فــي الزمالك أكــدت فيه من جديد أن‬ ‫َّ‬ ‫لوحاتها تتوافر فيها كل ســبل الوصول من‬ ‫خالل اختيارها الموضوع والتقنيات وكذلك‬ ‫صــدق اآلراء، فالعمل يذكرنا بفعل األمهات‬ ‫ِّ‬ ‫وهــن يصنعــن صورهــن علــى الوســادات‬ ‫والماليات والمالبس.. تفعل هذا وهي تغني‬ ‫وتستدعي صورًا متخيلة عبر الراديو.. ولو‬ ‫َّ‬ ‫كانــت محظوظــه تســتدعي مشــاهد الســينما‬ ‫التــي كانــت تنقش فــي الذاكرة وال تمحى.‬ ‫ُ‬ ‫ناديــة وهــدان تزيــن صورهــا بالحنين،‬ ‫ِّ‬ ‫تبهــج الذاكــرة باللــون، وعندمــا تنتهــي من‬ ‫لوحتهــا تعلــم أنهــا ســتنال رضــا المتلقــي‬ ‫لســببين: أولهمــا أن الجميــع يحــب أبطــال‬ ‫ّ‬ ‫الصورة، التي تذكرنا بالزمن الجميل، فكل‬ ‫ّ‬ ‫منهــا تعلــم العشــق والرومانســية علــى يــد‬ ‫َّ‬ ‫هؤالء، وال يوجد أجمل من فعل الذاكرة في‬ ‫لحظات التأمل والهروب من صخب الحاضر‬ ‫ُّ‬ ‫وضجيجــه، ثانيهمــا امتــاك ناديــة وهدان‬ ‫مهــارة تزييــن الســطح وتحليتــه باختيــار‬ ‫عناصر حميمية من حيث عضويتها وبهجة‬ ‫ألوانهــا، زيادة علــى ذلك تدخلها بالتطريز‬ ‫ُّ‬ ‫ممــا يغــرق اللوحــة فــي بعد إنســاني يحيي‬ ‫ذاكــرة األم عنــد كل منا.‬ ‫كل هــذا يجعل نادية وهدان تعرف كيف‬