aldoha magazine N 75 | Page 131

‫نشأة المدينة وطبوغرافيتها وعن صعوبة‬ ‫االهتــداء إليهــا، وعــن بعض مــا طالها من‬ ‫مخالفات.. ثم ســرعان ما تتحول المدينة،‬ ‫بعد ذلك، لتجســد صوت من ال صوت له:‬ ‫ِّ‬ ‫«إننــي الــدار البيضاء، أشــهد أنــه باطل،‬ ‫وأنــه ال حق اليــوم إال وهو باطــل، وأني‬ ‫ّ‬ ‫مــا أجرمت في حــق أحد، فال أنــا ضيقت،‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫وال أنــا وســعت، وال دفعــت الجــدران إلى‬ ‫َّ‬ ‫االعوجــاج، وال الســقوف إلــى االنخناق،‬ ‫كمــا المجــاري، والحديــث فــي األســواق‬ ‫والقيســاريات»..(ص92)، كمــا تصــاب‬ ‫المدينــة بالجنــون، نتيجــة مــا طالهــا من‬ ‫تحول، وتشــويه، وفتنة زرعتها الســلطة‬ ‫ُّ‬ ‫بالمدينة..‬ ‫على هذا النحو، إذن، يمتد السرد في رواية‬ ‫ّ‬ ‫«الجنازة»، ليحكي لنا ســيرة مدينة «الدار‬ ‫البيضــاء»، القديمــة والجديــدة، بأحيائها‬ ‫َّتها وشــخوصها ودروبها وشوارعها‬ ‫وأزق‬ ‫ومقاهيهــا وأوليائهــا ومعالمهــا، بمــا هي‬ ‫ســيرة العشــق واللذة والعادات، وسيرة‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫الخرافة والحكايات المتناســلة في المدينة‬ ‫وفــي أحيائهــا، ليصــل الســارد إلــى بناء‬ ‫جوانب من الصورة السياســية والنضالية‬ ‫واألســطورية للمدينــة، أمــام مــا طــال‬ ‫شــخوصها وتيماتها ووقائعهــا من ترميز‬ ‫وتحويــر، وما يحوم حول شــخوصها من‬ ‫حكايــات االختفــاء لبعــض رمــوز المدينة‬ ‫وشــخصياتها المرجعيــة، كمــا تــم طمس‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫لحظات من التاريخ غير الرسمي للمدينة،‬ ‫تاريخ ســيرتها وخرابها وفقدانها لجوانب‬ ‫أساسية من ذاكرتها الجماعية التي أصابها‬ ‫البتر، والبياض، والخراب. وهو ما يعني‬ ‫في األخير أن البطل الحقيقي للرواية، كما‬ ‫يقول خوان غويتسولو، متحدثا عن رواية‬ ‫ِّ ً‬ ‫«الجنــازة»، ليس هو الروائــي وال الزعيم‬ ‫المغتــال، إنــه الــدار البيضــاء الحاضــرة‬ ‫الكبرى شــرهة وغاوية، رائعة وبئيســة،‬ ‫جلدة نفســها وأبنائها. (من مقدمة الطبعة‬ ‫ّ‬ ‫اإلسبانية لرواية «الجنازة»).‬ ‫ونقرأ، أيض ً، في رواية «طريق السحاب»‬ ‫ا‬ ‫حديثا مســتفيضا عن مدينة الدار البيضاء،‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وعن ســاحاتها الشــهيرة، وما طــرأ عليها‬ ‫من تغيير «بتتابع الشهور واألعوام وغزو‬ ‫الريــف الكثيف للمدينة»(ص58)، وما طال‬ ‫مســاحات أرصفتها المحيطة ب