حداثية، ال يجد أي حرج في إقراء السالم
لسيدي عبد الرحمن مول المجمر(صاحب
الموقد)، الذي يوجد قبالة كورنيش
عين الذئاب. أو سيدي بليوط، أو
سيدي عثمان؛ فأغلب أحياء المدينة
الكبرى تتحدر تسمياتها من المقدس
َّ
َّ
(األوليائي)، فهذا مجتمع يحكمه الموتى
كما صاح ماركس يوم ً، ومن الطبيعي
ا
أن يتم التوليف، ويستمر الترميق بين
ّ
ّ
العصري والتقليدي ومن غير تأثير على
صيغ االستمرارية وإعادة اإلنتاج.
مجال الدار البيضاء أشبه ما يكون
برقعة شطرنج، تظل فيها كل حركة،
وبغض النظر عن الوضعية المراتبية
ّ
لفاعلها أو تموقعه في الرقعة، تظل
مؤثرة وحاسمة في حال ومآل «اللعبة»
الدائرة، فاألمر يتعلق بحقل تتبارى
فيه الرموز والرساميل الرمزية المادية.
والنتيجة في الغالب تكون لمن يملك
أكثر، ما يكرس الفجوة الطبقية، ويعيد
ِّ
إنتاج التراتبات والتناقضات الصارخة.
نشير ختاما إلى أن توطين فكرة
ً
المدينة، المتحدرة رأس ً، مبنى، ومعنى
ا
ِّ
من المدنية civismeال ينفصل عن
ّ
توطين حقوق اإلنسان وبناء مجتمع
العدالة االجتماعية، فتوطين المدينة
المدنية ليس عملية مستقّة بذاتها. إنها ال
ل
تكتسب فعاليتها وإجرائيتها، إال في ظل
مشاريع مرافقة لها، تنفتح باألساس
على الرفع من األوضاع االجتماعية،
واالقتصادية، والسياسية، والثقافية.
ِّرة
لهذا تظل عملية النقل واإلنتاج متعث
ومحدودة فيما يخص توطين فكرة
المدنية، بسب إخفاقات اجتماعية
ّ
وسياسية وثقافية متالزمة، ما يوجب
البحث عن ممكنات تغيير شمولي يزاوج
بين توفير شروط االنتقال المديني/
المدني، وتوفير اإلجراءات المرافقة
لها من أمن مجتمعي متعدد األبعاد
ِّ
والمسارات.
إلى ذلك كله تظل البيضاء، كما الكثير
ّ
من «مدن الملح»، ما بين الماء والماء،
مدمنة للترميق والتوليف؛ فال هي
َّصت من بداوتها وقبليتها، وال هي
تخل
َّ
انتقلت إلى سجل المدينة والمدنية. إنها
ّ
ّ
في برزخ البين بين، في أوطان تنتصر
لثقافة تأجيل الحسم وإرجاء القرار.
الطريق إىل الضوء
ال يســتطيع مــكان مــا، بوصفــة
وجــودًا وحيــاة وصيــرورة، أن
يحول الذاكــرة إلى لحظات انتصار،
ِّ
إال إذا كان هــذا المــكان يمتلــئ بــكل
التناقضــات واإلجابــات واألســرار
التي يمتلئ بها مكان مثل حي