Tarek El Mahaba | Page 7

العذراء كل حين

نيافة الأنبا روفائيل

القُدُّوسُ‏ المَولُودُ‏ مِنكِ‏ يُدعَى ابنَ‏ الله ( لو‎35:1‎ ‏(.‏ كان قلبها و جسدها و كيانها كله مكرسا لله , كمثل رئيس كهنة العهد القديم الذى كان ينقش على عمامته عبارة « قدس للرب أنها كانت قدس للرب , مقدسة و مخصصة لله فقط ‏..‏ أكثر من الصينية التى تحمل جسد الرب على المذبح , ولا يمكن أن تستخدم فى غرض آخر غير الذى كرست و دشنت من أجله . لقد حبلت العذراء بالطفل الإلهى , وولدت , وظلت عذراء و بتوليتها مختومة ‏..‏ و اعتادت الكنيسة منذ فجرها الأول أن تلقب القديسة مريم بالعذراء ( بارثينيوس ) و الدائمة البتولية ( ايبارثينيوس ‏(,‏ للتعبير عن دوام بتوليتها قبل و أثناء و بعد الحمل والولادة . ولكن يظل السؤال ‏..‏ كيف ولدت القديسة مريم ومع ذلك ظلت عذراء ؟!‏ الإجابة هى أنه كما خرج الرب يسوع المسيح من القبر و القبر مغلق , وكما دخل على التلاميذ و الأبواب مغلقة حتى إنهم ظنوه شبحا ‏..‏ هكذا ايضا خرج من العذراء وظلت العذراء كما هى و بتوليتها مختومة . قال القديس جيروم ‏:«‏ مع أن الباب كان مغلقا , دخل يسوع إلى مريم , القبر الجديد المنحوت فى الصخر , الذى لم يرقد فية أحد من قبله ولا بعده . انها جنه مغلقة , ينبوع مختوم . هى باب المشرق الذى تحدث عنه حزقيال , المغلق إلى الدوام , المملوء نورا ‏...‏ ودعوهم يخبرونى كيف دخل يسوع و الأبواب مغلقة , وأنا أجيبهم كيف تكون القديسة مريم أما و عذراء بعد ميلاد ابنها ؟«.‏ قال القديس مارأفرام السريانى ‏:«‏ كما دخل الرب و الأبواب مغلقة هكذا خرج من حشا البتول وبقيت بتوليتها سالمة لم تحل ‏«.‏ قال القديس أوغسطينوس ‏:«‏ بعد قيامة المسيح عندما ظن أنه روح قال لتوما ‏:«‏ هات يدك و انظر , لأن الروح ليس له جسد و عظام كما ترى ‏«.‏ وبالرغم من أن جسده جسد شخص فى سن الرجولة , فإنه دخل إلى حيث يوجد تلاميذه
خلف الأبواب المغلقة . فإذا كان قد استطاع أن يدخل خلال الأبواب مغلقة وهو فى جسد فى سن الرجولة , فكيف لا يستطيع إذا كطفل أن يترك جسم أمه دون إتلاف بتوليتها ؟ الذى يؤمن أن الله ظهر فى الجسد يصدق الأمرين كليهما , أما غير المؤمن فلا يصدق هذا ولا ذاك ‏«.‏ قال ذهبى الفم : نحن نجهل أمورا كثيرة , و على سبيل المثال : كيف وجد غير المحدود فى رحم العذراء ؟ ثم كيف الذى يحوى جميع الأشياء حملته امرأة ؟ ثم العذراء كيف ولدت و هى كما هى عذراء ؟.‏ قال القديس كيرلس الكبير : لنمجد مريم دائمة البتولية بتسبحة الفرح ‏«.‏ قال القديس غريغوريوس الثيئولوغوس ‏::«‏ ولد من عذراء و حفظ أيضا عذريتها و بتوليتها بلا تغيير ‏«.‏ قال القديس غريغوريوس أسقف نيصص ‏:«‏ إن رحم العذراء الذى استخدم لميلاد بلا دنس هو مبارك , لأن الميلاد لم يبطل أو يحل عذريتها , كما أن العذراوية لم تمنع أو تعق ذلك الميلاد العالى , كما أعلن عنه فى الإنجيل ‏:«‏ طوبى للبطن الذى حملك و الثديين الذين رضعتهما ‏«.‏ وجاء فى ثيؤطوكية يوم الخميس ‏:«‏ يا للطلقات الإلهية العجيبة التى لوالدة الإله مريم العذراء كل حين . هذه التى منها اجتمع معاً‏ بتولية بلا دنس و ميلاد حقيقى . لأنه لم يسبق الميلاد زواج , و لم يحل الميلاد أيضا بتوليتها , لأن الذى ولد إلها بغير ألم من الآب ولد أيضا حسب الجسد بغير ألم ( الشهوة ) من العذراء ‏«.‏ ونقول فى المجمع فى القداس الإلهى ‏:«‏ وبالأكثر القديسة المملوءة مجداً‏ , العذراء كل حين , والدة الإله القديسة الطاهرة مريم , التى ولدت الله الكلمة الحقيقية . طوباك أنت يا أمى البتول ‏..‏ اشفعى فينا ليعطينا الرب الإله ابنك جزءا يسيرا جداً‏ من طهارتك و حسن بتوليتك .
7
لسانى العاجز الخاطئ الضعيف كيف له أن يتجاسر و يتكلم بمديح يسير عن والدة الإله القديسة الطاهرة مريم « دائمة البتولية ‏«.‏ لقد وَلدت إلهنا الصالح بدون زرع بشر كنبوات الكتب , فتكلم إشعياء النبى مفتوح العينين من وراء الزمان قائلاً‏ » ولكِن يُعطِ‏ يكُمُ‏ السَّ‏ يِّد نَفسُ‏ هُ‏ آيَة : هَا العَذرَاءُ‏ تَحبَلُ‏ وَتَلِدُ‏ ابناً‏ وَتَدعُو اسمَهُ‏ عِماَّ‏ نُوئِيل ( إش‎14:7‎ ) لقد دعاها « العذراء » لأنها دائمة البتولية . وتنبأ حزقيال النبى الطاهر برؤيا واضحة قائلاً‏ ‏:«‏ ثُم أَرجَعّنِى إلىِ‏ طَرِيقِ‏ بَابِ‏ المِقدسِ‏ الخَارِجِى المُتَّجهِ‏ للمَشرِقِ‏ , وهُوَ‏ مُغلقٌ‏ فَقَال لىِ‏ الرب : هذا البابُ‏ يكُونُ‏ مُغلَقا , لا يُفتَحُ‏ وَلاَ‏ يَدخُلُ‏ مِنهُ‏ إنسانٌ‏ , لأن الرب الهَ‏ إِسرَائِيلَ‏ دَخَلَ‏ مِنهُ‏ فيكُونُ‏ مُغلقا ) حز‎2-1:44‎ ) وسليمان الحكيم فى نشيد الأنشاد مجد دوام بتوليتها قائلاً‏ ‏«:‏ أُختِى العَروسُ‏ جنةَ‏ مغلقة , عين مقفله , ينبوع مختوم ( نش‎12:4‎ ) لقد نزرت العذراء الطاهرة بتوليتها لله , ولذلك اندهشت حينما بشرها الملاك جبرائيل بالحبل الإلهى الطاهر , و تسألت فى حيرة ‏:«‏ كيف يكُونُ‏ هذَا و انَا لَستُ‏ أعرِفُ‏ رَجُلاً‏ ؟«(‏ لو‎34:1‎ ‏(.‏ لم يكن ممكنًا للعذراء الطاهرة ان تسأل هذا السؤال إن لم يكن هناك نذرً‏ مسبق بأن تقدم بتوليتها لله , فقد و ضعت فى قلبها و ضميرها أن تحققه . لقد خافت العذراء ان تُحرم من بهاء البتولية , و انزعجت بهدوء , وتساءلت فى براءة ‏..‏ ثم استراح ضميرها الملائكى و قالت ‏:«‏ هُوذَا انا أمةُ‏ الربِّ‏ ليِكُن لىِ‏ كَقَولِك » ( لو‎38:1‎ ‏(,‏ عندئذ طمأنها الملاك بأنها ستظل بتولاً‏ , و أن الحمل سيكون بفعل الروح القدس ‏:«‏ فَأَجَابَ‏ الممَلاَ‏ كُ‏ وَقَالَ‏ لَها : اَلرُّوح القُدُسُ‏ يَحِ‏ لُّ‏ عَلَيكِ‏ , وَقُوَّةُ‏ العَلىِ‏ ‏ِّ‏ تُظَلِّلُكِ‏ , فَلِذلِكَ‏ أيضاً‏