Tarek El Mahaba | Page 16

لا تكن الا فرحا

العيد بالنكد ‏..‏ بمشاكل تافهة وخصام ، أو غضب بلا مبرِّر : إمّا التأخُّر في المواعيد أو توزيع وقت الزيارات والمجاملات أو النقد المستمر وعدم الرضا أو ‏..‏
) 4 التفكير المادي أو الشهواني ‏...‏ الذى يُضيّع علينا جهاد الصوم والسهر ‏...‏ و كأننا بأيدينا نهدم ما بنيناه في الصوم السابق للعيد ‏...‏
و نحتاج ثانيًا أن نتذكّر :
) 1 الفرح الروحي بالعيد يحتاج أولاً‏ حضور قداس العيد والاقتراب من الأسرار المقدسة وكأننا نلمس جسد المسيح فى المذود .
) 2 الفرح بالتوبة ‏...‏ لأننا لكي نُفرِح إلهنا لابد أن نعود إليه معترفين بخطايانا ، طالبين رحمته ، سائلين معونته لحياة جديدة تليق بتجسده وفدائه وأبديته : « وتفرَحُ‏ أمامَ‏ الرَّبِّ‏ إلهِكَ‏ » ( تثنية ‏(.‏ ‎11‎ : ‎16‎
) 3 الفرح بالعطاء ‏...‏ ما أجمل العيد الذي نقضيه في السؤال عن المرضى أو زيارة المجروحين في أحزان كبيوت المنتقلين ، أو توزيع البركات على أخوة الرب المحتاجين .
) 4 الفرح بكلمة الله ‏...‏ فكل عيد هو عطية المسيح لخلاصنا ، فلكي نهتف بفرح : « الليلويا الليلويا يسوع المسيح ابن الله ولد من العذراء في بيت لحم ‏«،‏ لابد أن نغوص في كلمات الإنجيل والنبوات لنشبع بطعم الحدث ونتذوّق المجد الذي فيه ‏...‏ لهذا يليق بنا أن نبدأ يومنا في العيد ، بعد سهرة قداس العيد ، بصلاة باكر ، ثم قراءة الإنجيل الخاص بالعيد ، والتأمل ، والتسبيح ، ثم الخروج إلى خدمة الآخرين لنفرحهم بالفرح الروحي والبشارة المفرحة ، ولا نترك خطية تفقدنا سلامنا أو جوًّا عالميًا ينزع فرحنا ‏...‏ فلا نكن إلا فرحين .
لحن الميلاد المجيد « Geneqlion » ( جينثليون ) يُقال هذا اللحن إمّا قبل لحن الثلاثة تقديسات وأوشية الإنجيل أو أثناء توزيع جسد الرب يسوع المسيح ودمه ، وذلك في الفترة من عيد الميلاد المجيد وحتى
‎16‎
وجدتُه حزينًا بعد نهاية الاحتفال بعيد ميلاده ‏....‏ فسألتُه : « لماذا ؟؟!!‏ لقد كان احتفالاً‏ كبيرًا ، وحضر كثيرون من أصدقائك وأقاربك ‏...‏ و جاءت لك هدايا بلا عدد ‏...«‏
فأجاب : « للأسف ‏...‏ جاء كثيرون و لكن كأنهم لم يأتوا إليَّ‏ ‏...‏ جلسوا يتسامرون ويتضاحكون ونسوني ‏...‏ حاولتُ‏ الاقتراب منهم ، وحاولتُ‏ أن أذكّرهم أني أنا صاحب الحفل ‏...‏ لكنهم لا يجدون مزاجهم في الحديث معي أو التودد إليَّ‏ ‏...‏ منهم من جاء ليأكل ‏...‏ أو ليضحك ‏...‏ حتى الهدايا ‏...‏ كانت كما يحبون ‏...‏ وليس كما أحب أنا ، ليس فيها ما يسعدني ، لقد أفسدوا يومي وضيّعوا فرحتي ‏...«‏
إن كان هذا شعور من قد يُقام له احتفال بعيد ميلاده ‏...‏ وينتهي الاحتفال وكأنه لم يكن ‏...‏ تُرى كيف يستقبل ربنا يسوع المسيح له المجد احتفالنا بميلاده ‏...‏ بتجسده ‏...‏ بدخوله إلى عالمنا ‏...‏ بمجيئه لخلاصنا ‏...‏ بمشاركته طبيعتنا ‏..؟!‏
قيل قديمًا في ( عاموس ‏(:‏ ‎21‎ : 5 « بَغَضتُ‏ ، كرِهتُ‏ أعيادَكُمْ‏ ، ولستُ‏ ألتَذُّ‏ باعتِكافاتِكُمْ‏ ‏.«‏ وقيل أيضً‏ ا في ( إشعياء ‏(:‏ ‎14‎ : 1 « رؤوسُ‏ شُ‏ هورِكُمْ‏ وأعيادُكُمْ‏ بَغَضَ‏ تها نَفسي . صارَتْ‏ عليَ‏ ‏َّ‏ ثِقلاً‏ . مَلِلتُ‏ حَملها ‏.«‏
هل نفرح في عيد الميلاد ؟ وكيف نفرح ؟ هل نصير سبب فرح لإلهنا وبفرحه نفرح ‏..‏ بل لا نكون إلاّ‏ فرحين ؟!‏ إلهنا سرُّ‏ فرحنا ‏...‏ أعطانا كل شيء للتمتّع ، وجعل لنا الأعياد سرّ‏ فرح متجدد ، كما قيل فى التثنية : « سبعَةَ‏ أيّامٍ‏ تُعَيِّدُ‏ للرَّبِّ‏ إلهِكَ‏ في المَكانِ‏ الّذي يَختارُهُ‏ الرَّبُّ‏ ، لأنَّ‏ الرَّبَّ‏ إلهَكَ‏ يُبارِكُكَ‏ في كُلِّ‏ مَحصولكَ‏ وفي كُلِّ‏ عَمَلِ‏ يَدَيكَ‏ ، فلا تكونُ‏ إلاّ‏ فرِحًا » ( تثنية ‏(.‏ ‎15‎ : ‎16‎
لكى نفرح فرحًا روحيًا بالعيد نحتاج أولاً‏ أن نحترس من :
) 1 الانشغال بالأكل واللبس أكثر من اللازم ، وكأننا نسينا تعليم فادينا : « لا تهتَمّوا لحَياتِكُمْ‏ بما تأكُلونَ‏ وبما تشرَبونَ‏ ، ولا لأجسادِكُمْ‏ بما تلبَسونَ‏ ‏...‏ لكن اطلُبوا أوَّلاً‏ ملكوتَ‏ اللهِ‏ وبرَّهُ‏ ، وهذِ‏ هِ‏ كُلُّها تُزادُ‏ لكُمْ‏ » ( متى ‏(.‏ ‎33‎ ، ‎25‎ : 6
) 2 الأحاديث العالمية والضحك والصخب الخالي من النقاوة ، وكأننا نفرح بعيدًا عنه ولا ننشغل بصاحب العيد .
) 3 شيطان الأعياد ‏..‏ الذي يتفنّن في أن يفسد جوّ‏
عيد الختان المجيد . واللحن عبارة عن « برالكس » ‏)=‏ كلمة يونانية تشير إلى قِطَع تقال بلحن واحد بالتتابع ) مكوّن من ثمانية قِطَع ؛ القطعتان الأولى والثانية لهذا اللحن مدوّنتان باللغة اليونانية وعلى الأرجح هما أساس اللحن ، حيث كانت الكنيسة القبطية في القرون الأولى للمسيحية تستخدم اللغة اليونانية في صلواتها ، ثم أُضيف لهذا اللحن فيما بعد قِطَع باللغة القبطية ، لذلك يُعتَبرَ‏ هذا اللحن من الألحان المبكّرة التي استخدمتها الكنيسة القبطية بلحنه القبطي الأصيل منذ القرون الأولى للمسيحية . واللحن يتكلم عن الحبل البتولي لكلمة الله الأزلي وميلاده من البتول مريم العذراء ، وكذلك ما قيل من قِبَل معلّمي الكنيسة وأنبياء العهد القديم عن بتولية وطهارة مريم العذراء .
بالنسبة لنغمات هذا اللحن فهي عبارة عن مزيج من المقاطع الموسيقية الحزينة التي تُقال في أسبوع الآلام الخلاصية ، وأخرى من نغمات تعبرّ‏ عن الفرح . وقد يتساءل البعض عن سبب وجود عنصر النغم الحزين في لحن عيد الميلاد المجيد ونحن فرحون بميلاد السيد المسيح ؟!‏ والردّ‏ على هذا التساؤل هو أن كلمة الله الأزلي أخذ جسدًا كاملاً‏ من مريم العذراء ، وصار إنسانًا ، وكان لابد له أن يموت على الصليب ، ويُدفَن في القبر ثلاثة أيام ، ويقوم من الأموات . فالكنيسة تريد أن تنبّه أذهاننا في فترة عيد الميلاد المجيد إلى الهدف من التجسد الإلهي وهو خلاص البشرية ، كما وضّ‏ حه لنا القديس أثناسيوس الرسولي فى كتاب « تجسد الكلمة » حيث قال : ‏»....‏ إذ أخذ ( أي كلمة الله الأزلي ) من أجسادنا جسدًا مماثلاً‏ لطبيعتها ، وإذ كان الجميع تحت قصاص فساد الموت ، فقد بذل جسده للموت عوضً‏ ا عن الجميع ، وقدّمه للآب » ( تجسد الكلمة ، ‎4:8‎