الاستعداد للآلام بفرح
كانت نفسية الشُ هداء والمُعترفين فَرِحة وشُ جاعة واثقة ، تسندهم المعونة الإلهية التي وعد الله بها جميع المُضطهدين من أجل اسمه ( لو : 21
(. 21 لقد أحس المُعترفون بشرف تألُّمهم ( في 10 : 3 ؛ كو ) 24 : 1 مُتطلعين إلى المجد العظيم الذي ينتظرهم وينتظر جميع الذين يُحبون ظهوره أيضً ا .. وقد تعزُّوا من الرؤى العظيمة المُشجعة ، والتي جعلتهم يرون أكاليلهم ويتطلعون لميراثهم الأبدي حيث المسكن المُستعِد في المدينة التي لها الأساسات .
لقد استعذبوا الألم وسعوا ورائه ، فبهروا العالم كله لا في قبولهم الآلام واحتمالهم العذابات المُرَّة ، بل بفرحِ هِم بها وشكرهم عليها وسعيهم ورائها كعطية ، فحوَّلوا السجون إلى كنائِس يُسمع فيها صوت التسبيح ... ليُعطينا الرب أن نفرح في الضيق وأن نُسبِّح في الألم ، عالمين أننا نتألم لنتمجَّد .. كثير من الأُمهات كُنَّ يرفُضنَ الاستشهاد ، إلاَّ بعد الاطمئنان على استشهاد أبنائِهِنَّ أمام أعيُنهِن خوفًا عليهم من البقاء بين الوثنيين ، وكثيرون أرسلوا يُشجعون أقربائِهِم في السجون
ويحسدونهم على نعمة الاستشهاد ، حقًا إنَّ الآلام صعبة لكن الانشغال بالمسيح الإكليل واللؤلؤة يُعطي للألم لذة وللنَّفْس سلام وثبات . لقد عانق الشُ هداء الموت في فرح وهدوء وتسليم عجيب أذهل مُضطهديهم ، بعد أن أيقنوا حلاوة المجد الأبدي والميراث الذي ينتظرهم . ويمُ كننا أن نقول أنَّ كل من تمتَّع بخلاص الله العجيب اتحد بالمُخلِّص المصلوب يُصلب عن العالم ، ومن مات عن العالم تمتَّع بالعِشق الإلهي والفرح
كيف أعدت الكنيسة أولادها للاستشهاد ؟
الاستشهاد اختبار تَقَوِي يومي يحيا فيه المؤمن ، والكنيسة كجسد المسيح المُتألِم ، يلزمها قبول سِ ماَ ت المسيح الرأس حتى تكون لها شرَ ِكة الحُب الحقيقي والوحدة التي بين العريس المُتألم وعروسه ، بين الرأس والجسد ( الأعضاء (. لذلك الكنيسة العروس تُكمِّل نقائِص شدائِد المسيح بالألم ( كو : 1
) 24 فالمسيح هو العريس والرأس وحجر الزاوية ... ولمَّا كانت الكنيسة أُم جميع المؤمنين ، لذلك سلَّمت أولادها صراحة الإيمان ، وجعلتهم يستعدون للمعركة الروحية غير واضعين أمامهم سوى مجد الحياة الأبدية وإكليل الاعتراف بالرب ، غير مُهتمين بما يُقابلهم من عذابات ، لأنها ستكون كتلك التي عبرت وانتهت ... ولأنَّ الحرب قاسية وشديدة تلك التي تُهدد جنود المسيح ، لذلك هيَّأتهم ليشربوا كأس دم
المسيح اليومي حتى يُعطيهم إمكانية تقديم دمهم مسفوكًا لأجله ، لأنَّ من قال أنه ثابِت فيه ينبغي أن يسلُك كما سَ لَكَ ذاك ( 1يو (. 6 : 2
المسيح عريس الكنيسة ورأسها وأُسقفها هو الذي يُتوِج خُدامه الذين أُعِدَّت أفكارهم وحياتهم للاعتراف والاستشهاد ... فهو لا يرغب في دَمِنَا بل يطلُب إيماننا . لهذا حرصت أُمنا البيعة المُقدسة على إعداد
أولادها للاستشهاد لا بخوف كالعبيد بل بحُب كما يليق بأبناء أحرار ، فيا لها من كنيسة مجيدة ومُطوبة تلك التي صار فيها دم الشُ هداء مُمجدًا !! لقد كانت بيضاء قبل استشهاد هؤلاء العِظَام ، والآن بعد أن أعدَّتهُم الكنيسة للشهادة فشهدوا ، صارت قُرمُزية بدم الشُ هداء ، ولم يعُد ينقُصها زهور بيضاء ولا زنابِق حمراء . ( انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى (. لذلك تُجاهد الكنيسة لتُعِد أولادها بجهاد عظيم غير مُتزعزِع لأجل المجد ، فينال أولادها أكاليل بيضاء بجهادِهِم في غير زمن الاستشهاد ، وينالون أكاليل قُرمُزية مُخضبَّة بدِ ماء شهادتِهِم في زمن الاستشهاد ، عندئذٍ يكون في السماء لكلٍ منهم زهوره التي يتمجد بها جنود المسيح ..
10