Tarek El Mahaba Tarik El Mahabba -February Issue | Page 21

كيف تقتل ؟ ؟ كان والدي ابونا اسحق » شفيع المتألمين « يرقد مشلولاً‏ علي سرير العناية المركزة مشلولاً‏ لاسابيع في مثل هذه الايام القارصة البرودة .. و في فجر أحد الأيام و انا جالس بجواره همس لي بصوته المتهدج » كل يوم تأتي الي «...» في الفجر و تصر أن تغسل جسدي بالماء المثلج ، قولها ترحم شيخوختي و شللي و عجزي .. و انفجرت دموعه الساخنة لتتواري في لحيته البيضاء ، ثم تلاقت دموعنا الغزيرة معاً‏ و انا احتضنه بشدة ، قبل أن أطلب بكل حسم نقلها بعيداً‏ عن رعاية اي مريض الي الأعمال الإدارية لكي لا تؤذي اي مريض آخر ، بعدما اعترفت أمام الكل انها كانت تفعل هذا كل يوم !! لم أكن أصدق أن هناك قلوب قاسية إلا هذا اليوم .. رحم الله أبي .. ووضع في قلب كل انسان الحنان و الرقة ، فليس هناك رحمة في الدينونة لمن لم يستعمل الرحمة ..

أسباب لتستر علي الناس .. كل الخطايا التي تجرح الناس مُرة .. لكن أكثرهم مرار التشهير بسمعة الناس و اغتياب سيرتهم للأسباب التالية : ‎١‎‏-مهما كان خطأ من تتكلم عنه ، كان يجب أن تستر عليه ، فكم ستر الله عليك و لو رفع عنك غطاء ستره لاختفيت طول عمرك من نظرات الناس .. تذكر كيف ستر المسيح علي المرأة التي أمسكت في ذات الفعل وقتما أراد الكل ان يرجموها ) يوحنا ( ٨ .. ‎٢‎‏-كم و كم يكون المرار الذي يتجرعه احد بسببك أن كنت تشوه سمعته لمجرد انك سمعت عنه ، ربما من حاقد ، أو كاذب أو شرير ، ثم قمت بنقل الكلام مكتوباً‏ أو شفاهة ، فساهمت في مزيد من التشويه بدلا من أن تلتمس له العذر أو تدافع عنه في غيبته .. و لماذا لم تقم بالعمل إلهي بستره ؟ ‎٣‎‏-حتي ان كان مخطئاً‏ فعلاً‏ ، انت لم تنظر لاخطائك الشخصية تسببت في الخلاف بينكما و التي لولاها ما كان قد أخطأ إليك .. ‎٤‎‏-ان كنت تظن أن التشهير بالناس يساهم في نشر الحق ، و يصلح المجتمع ، فمن إدراك انك علي صواب ؟ و ماذا تفعل لو اكتشفت انك أخطأت و ظلمت ؟ و ماذا يكون موقفك لو ظلمك أحد فاصر علي التشهير بك أمام الناس ؟ ؟ و كيف ستصلح ما فعلت ؟ ؟ تذكر كيف شوهت امرأة فوطيفار سمعة يوسف الصديق ، و كيف عاش سنوات متهماً‏ في شرفه و هو البريء ، و من كان ليصدق العبد و يُكذّب زوجة رئيس الشرطة ؟ ؟ ‎٥‎‏-الناس لا تحترم أبداً‏ من يمسك سيرة أحد بالسوء ، و حتي ان تجاوبوا معك و سمعوك أو شاركوك الإهانة ، تأكد انهم سيحتقروك و يبتعدوا عنك ، فمن اغتاب سيرة أحد ، لا شك أنه سيفعل نفس الشيء معهم فى أول مناسبة .. ‎٦‎‏-اغتياب سيرة أحد طاقة سلبية تصدرها لمن يسمعك ، تجعل الجلسة متعبة للعقل و القلب ، و تنفر الناس منك ، ثم ترتد نحو ضميرك فتكويه بالحزن غير المفهوم ، فالشر حارق و الحب شافي .. ‎٧‎‏-ادانة الناس مهما كانت خطيتهم تبعد عنك الفرح و النعمة و حضور الله ، و تنفر منك ملائكته و قديسيه ، و تحرمك من فضيلة الستر ، و بركة الله في صحتك و بيتك و اولادك و عملك و مالك و خدمتك .. ‎٨‎‏-كيف تجروء أن تخدم الله ) أن كنت خادماً‏ ( و تحمل كلامه للناس المملوء حباً‏ و انت تحمل في فمك كل هذا التشويه لسمعة الناس مهما كانوا ؟ الست انت الذي تتكلم عن الله الغافر الساتر للجميع ؟ يصير كلامك دينونة عليك ، فمك يدينك لانك صرت عثرة لمن يسمعوك ، و مستحق لويلات من تأتي منهم العثرات ) متى ( ١٨ .. و بدلاً‏ من تحبب الناس في الله أبعدتهم عنه و نفرتهم منه .. ‎٩‎‏-ستتذوق نفس مرار الكأس الذي أردت لغيرك أن يشربه ، سيقوم الناس باغتياب سمعتك و الهجوم عليك و لو بعد حين ، ستري ظلماً‏ مضاعفاً‏ و تشويهاً‏ لسمعتك يجعلك تتلوى ألماً‏ و تدور حول نفسك و انت تتوسل للناس أن يعرفوا الحقيقة دون جدوي ، و ستري بعينيك مرار الظلم لأنك لم تتعلم الرحمة و الستر .. فكأس الظلم دوار لمن لم يتب و يعتذر و يرد للناس سمعتهم .. ‎١٠‎‏-كيف تجاوب الله في اليوم الأخير عندما يسألك » كيف تطلب مني الستر و انت لم تستر ؟ » و كيف تطلب مني أن أرفع عنك الدينونة و قد عشت عمرك تدين الناس ؟»‏
21