Tarek El Mahaba Tarik El Mahabba -February Issue | Page 15

الاخر ومن هو الاخر ؟ وما علاقتك بالاخر ؟

الاخر ومن هو الاخر ؟ وما علاقتك بالاخر ؟

15
* الاخر هو كل انسان غيرك . فما هي علاقتك اذا بالاخر ؟ حينما خلق الله ابانا ادم ، خلق له كائنا اخر هوا امنا حواء . وكانت علاقه كل منهما بالاخر علاقه حب وتعاون ، نضعها كمثال طيب امامنا ، فلم يحدث في يوم من الايام ان اختلف احدهما مع الاخر ، انما عاشا متزاملين ومتلازمين ، يقطعان غربة العمر معا . وبعد مرور الوقت اتسعت دائرة الاخر في الحياه ، من العلاقه بين فرد وفرد ، الي علاقة في محيط الاسرة ، ثم القبيله ، وتطورت الي العلاقات في البلد الواحد ، الي الوطن الواحد ، واخيرا الي العالم كله ، الذي نشا من اسره واحدة ، فكيف يكون اذا التعامل مع هولاء ؟ ولنبدا بالتعامل مع الفرد ، فنقول : هل انت تحترم الاخر ايا كان ، كانسان ؟ هل نتعاون معه ؟ هل تساعد الاخر ؟ هل تجده ؟ هل انت علي استعداد ان تبذل نفسك لاجل الاخر ، وتضحي من اجله بكل شي ؟ اعلم انه حسب نوعية التعامل مع الاخر ، يكون مقياس حضارة الانسان ، فالانسان المتحضر يكون سهل التفاهم مع الاخر ، ياخذ ويعطي معه في مودة ويسر ، ولا يسرع الي الخلاف ...... ما اجمل ما فاله احد الحكماء ما عاش لنفسه فقط . انها الانانيه او الانغلاقيه ، حيث يتمركز الشخص حول نفسه ، ولايخرج منها ويندمج مع الاخر ، وهذا الاندماج هو البذرة التي يتكون بها المجتمع ، وعلي العكس هناك من يرون انهم لا يستطيعون ان يعيشوا بدون الاخر ، وفي هذا الشاعر ايليا ابو ماضي : ... يا صديقي انا لو لا انت ما غنيت لحن .. كنت في قلبي لما كنت وحدي اتغني . وكان الكاتب يقول للقاري بلغه ايليا ابو ماضي : انا لولا انت ما كنت اكتب اذ انني من اجلك اكتب حيث يختلط فكر بفكرك ، ويصير لنا فكر واحد ، وليس اخر ، فانت هدفي ، وانا وسيلتك ، وانت اذني ، وانا فمك ، وكلانا واحد ، وحقا ماذا تكون جدوي كلماتي من غيرك ؟!‏ انها لا شي !
* نفس الامر مع كل من يعمل عملا ، هو لغيره ، او
نتيجته لغيره .. فالبائع لا شي ، ان لم يوجد المشتري ، والمتكلم لا جدوي لكلامه ، ان لم يكن هناك الذي يسمع ، والراعي لا صفة له ، ان لم تكن هناك رعيه ، والمعلم ما هدفه ، ان لم يكن هناك من يتلقي عليه العلم ، وهكذا ، وفي كل هذه الامثله تظر اهميه الاخر ... نقطه اخري في علاقه الانسان بالاخر ، وهي : ان الانسان الواسع القلب ، لا يزاحم الاخر في طريق الحياة بل هو في سيره ، يفسح طريقا لغيره ، يفسح له الطريق ليعبر او لكب يسير معه في نفس الطريق ، انه لا يتعالي علي الاخر ، ولا يتفاخر ، وهدفه ان يلتقيا ولا يتباعدا . يا اخي اعرف جيدا في صراحه كامله : انه كلما
ازدادت ) الانا ( عندك ، حينئذ يختفي الاخر في مقاييسك حيث يقول ، من الذي يعيش . البعض : اذا مت عطشان فلا نزل المطر !! او تقول : فلاكن انا المنتصر علي الدوام ، وغيري المهزوم ..! الدنيا هي دنياي انا ، خلقها الله لي لكي اعيش !! وننسي ان الله تبارك اسمه ، قد خلق الدنيا للكل ، والكل رعاياه ، وموضع اهتمامه .. لماذا تطلب ان يختفي الاخر لكي تظهر انت ؟ الا يمكن لكما ان تعيشا معا ؟ حقا ان عمق الاهتمام بالاخر يكمن في انكار الذات وايثار الغير علي النفس . بينما اهمالك للاخر لون من الانانيه . يا اخي لماذا يكون قلبك ضيقا ، فلا يتسع للاخر ؟!‏ ّ ولماذا اذا ما اتسع قلبك فانما ينفتح لنوعيه خاصه
من الناس ، بينما ينغلق امام الاخرين ؟!‏ لماذا تخسر الاخر ؟!‏ ليتك تستمع الي سليمان الحكيم حينما قال :( رايح النفوس حكيم ( علي ان اسمعك وانت تهمس قائلا :( ولكن فلانا لست اتفق معه ، طبعي لا يتفق مع طبعه ، وفكري لا يتماشي مع فكره ( هنا واراني مضطرا ان اردد عبارة جميلة قالها القديس يوحنا ذهبي الفم ، وهي : ) من لم توافقك صداقته ، لا تتخذه عدوا ). لذلك نصيحتي لك ، لا توسع دائرة اعدائك فليس هذا من الصالح لك ولا لغيرك .. وهنا اسال : اذا اختلف معك الاخر في الراي ، هل تحول ذلك الي خلاف في القلب ايضا ؟!..‏ وهل حينئذ تهاجم الاخر ، وتعادية ، وتحقره ، وتشهره به ؟!‏ ام تحاول ان تلتقي به وتتفاهم ؟ وان التقيت معه في حوار ، ايكون حوارا هادئا ام ساخنا ام ملتهبا ؟ ام حوارا يسوده الاحترام والموده ؟ وهل يكون هدفك من الحوار ان تنتصر علي الاخر ، وترغمه علي قبول رايك ؟ وهل حوارك ليس للتفاهم ، انما لاثبات شخصيتك ، وتثبيت فكرك ؟ وهل يوول حواركما حينئذ الي مزيد من التباعد في الراي والقلب ؟!‏ يا صديقي هل تومن بحريه الراي ؟ وبالتنوع والتعدد في الافكار ؟ وهل يظهر ذلك في تعاملاتك ؟ ام انك تعمل علي الغاء شخصية الاخر !! فاما ان يوافقك ، او تطرحه بعيدا عنك ، ويتحول التنوع الي خلاف ، ويتحول الخلاف الي قتال ويوول القتال الي عداوة تحتد وتشتد !! اهذا كله ينبغي علي كل منا ان يتدرب علي محبة الاخر ، فالعلاقه مع الاخر كلما ازدادت قربا تتحول الي وحدة ، واتذكر انني سئلت مره عن الوحدة الوطنيه فقلت : يا اخي المواطن : حينما انظر الي نفسي فاراك وانظر اليك فاراني ، وكانني انظر في مراة ، وكاننا زوج واحد في جسدين ، عندئذ تكون هذه الوحدة .....