Tarek El Mahaba March Issue | Page 6

تأملات روحية الصوم والتوبة

نيافة الآنبا باخوميوس

6
فى هذه الأيام نبدأ الصوم المقدس والذى نعتبره وقتاً‏ مناسباً‏ للتوبة نقرأ بعض كلمات معلمنا بولس الرسول « لذلك أنت بلا عذر أيها الإنسان كل من يدين لأنك فى ما تدين غيرك تحكم على نفسك لأن ليس عند الله محاباة وتعتبر التوبة من أهم التدريبات التى ندرب أنفسنا عليها فى الصوم المقدس ومع أن التوبة هى تدريب دائم طوال أيام السنة إلا أن الكنيسة تجدد توبة الإنسان فى أيام الصوم والصوم المقدس هو أهم الأصوام الكبيرة فى الكنيسة ، والتى تشمل أصوام الميلاد ، والرسل ، والسيدة العذراء . وتأتى أهميته من أننا نتذكر فيه صوم السيد المسيح على الجبل ، وكذلك آلام السيد المسيح عنا ، وهذا يكون بمثابة دافعاً‏ قوياً‏ من أجل تجديد عمل التوبة ولا يعتبر الحديث عن التوبة حديثاً‏ مكرراً‏ لأنه ضرورة من أجل خلاص نفس الإنسان ، ومهما سمع أو قرأ الإنسان عن التوبة يحتاج دائماً‏ إلى تجديد الاستماع والقراءة من أجل تجديد توبته لأننا كما نعلم المدخل إلى الحياة المسيحية هو الإيان بالمسيح ، وإعلان التوبة ، ثم المعمودية بالماء والروح ، وما يسعدنا فى تجديد توبتنا أن نتأمل فى معرفة الإنسان حقيقة نفسه .
الله خلقنا على صورته ومثاله فنحن نفخة من الرب وهيكل للروح القدس ، ومفديين بدم الرب يسوع ‏..‏ إذن للإنسان قيمة كبيرة عند الله ، ولذلك كان الهدف ( رو ‎1‎‏-‏ : 2 ‎11‎ ) من التجسد وتأسيس الكنيسة وإرسالية الأنبياء والخدام هو أبدية الإنسان ، فالإنسان محبوب الله يقول « لذاتى مع بنى آدم ‏»)‏ 1 ‏(..‏ وأيضاً‏ « لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكى لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية .
إذاً‏ الذى لا يتوب هو يرفض عمل المسيح فى حياته لأن فداء السيد المسيح يغفر الخطية الأصلية ، وأيضاً‏ الفعلية . ولكن بدون التوبة لا يستفيد الإنسان من هذا الغفران ‏..‏ وعندما يتذكر الإنسان قيمته أمام الرب لا يستهين بأى خطية تدخل إليه ، ولا يجعل جسده آلات إثم للخطية نحن لسنا مجرد تراب وإنما نحن أولاد لله « لا أعود أسميكم عبيداً‏ لكن قد سميتكم أحباء لأنى أعلمتكم بكل ما سمعته من أبى
‏»)‏ 3 ‏(..‏ الابن يعيش فى محبة أبيه ولا يفقد هذه البنوة ‏..‏ الابن الضال بسبب خطيته فقد البنوة والحياة كلها حتى يقال عنه « كان ضالاً‏ فوجد » فى أيام الصوم لا يعيش الإنسان فى علاقة سطحية مع الله بسبب إنشغالات العالم الكثيرة بل يجب أن يهدأ ويدخل إلى نفسه ، ويعرف حقيقة نفسه لأن الأبدية هى الباقية ‏..‏ وخاصة إذا كان الإنسان مسئولاً‏ عن خدمة ، ويطلب من المخدومين ترك الخطية ‏..‏ يجب عليه أن يعمل ما يُعلمه
( ب ) ما هى الخطية ؟ الخطية هى موت
« لأن أجرة الخطية هى موت ‏»)‏ 5 ‏(..‏ وقال الله لآدم « أما شجرة معرفة الخير والشر فلا تأكل منها لأنك يوم تأكل منها موتاً‏ تموت ‏»)‏ 6 ‏(..‏ موت أدبى ‏..‏ وبعد السقوط دخل الموت إلى العالم ، لذلك عندما يتهاون الإنسان فى حياته يجب أن
( أم ‏(.‏ ‎31‎ : 8 ( 2 ) - ( يو ‏(.‏ ‎16‎ : 3
( يو ‏(.)‏ ‎15‎ : ‎15‎ 4 ) - ( لو ‏(.‏ ‎24‎ : ‎15‎ ( رو ‏(.)‏ ‎23‎ : 6 6 ) - ( تك ‏(.‏ ‎177‎ : 2 طرد آدم وحواء من الجنة نتيجة الخطية يتأمل فى نتيجة خطيته ويحكم على نفسه قبل أن يُحكم عليه ‏..‏ نحتاج إلى حياة التدقيق لأن العدو أحياناً‏ يُبسط الخطية أمامنا مما يؤدى إلى السقوط . ونحن كما نعلم أن للخطية عقوبتان ‏..‏ الأولى أرضية ، والثانية سماوية ‏..‏ كما حدث بعد خطية آدم ، وأيام الطوفان ، وخطية سدوم وعمورة
نلاحظ فى هذه الأيام حدوث كوارث عديدة ، وهى ليست بالمصادفة بل هى بسبب غضب الرب على الشر الذى فى العالم ‏..‏ أليست هذه عقوبة أرضية ، ولكنها لا تعفى من العقوبة السماوية ‏..‏ كما يقول معلمنا بولس « أم تستهين بغنى لطفه وإمهاله وطول أناته غير عالم أن لطف الله إنما يقتادك إلى التوبة أحياناً‏ يستخدم الرب لطفه وطول أناته لكى يقتادنا إلى التوبة الخطية تسبب القلق والخوف وفقدان السلام عندما أخطأ قايين كان هارباً‏ وخائفاً‏ ( 2 ‏(،‏ وفى أيام يشوع انتصر الشعب أمام أريحا الكبيرة ، وانهزم أمام عاى الصغيرة . وعندما صرخ يشوع للرب أجابه « فى وسطك حرام يا إسرائيل ‏»)‏ 3 ‏(..‏ لأن عخان بن كرمى اشتهى رداءاً‏ شنعارياً‏ وقضيباً‏ من الذهب ، واحتاج الشعب فى ذلك الوقت توبة فردية وأيضاً‏ جماعية ‏..‏ نحتاج أن نسند بعضنا البعض لكى نحيا فى توبة جماعية داود النبى بعد سقوطه فى الخطية يقول « نفسى قد انزعجت جداً‏ ولكن بعد توبته يقول « إذا سرت فى وادى ظل الموت لا أخاف شرا وعندما يحيا فى اختبار النصرة يقول « الرب نورى وخلاصى ممن أخاف ‏»)‏ 6 ) الذى يعيش فى الخطية لا يشعر بالقلق فقط بل أيضاً‏ بالعار ، أما التائب فيستمتع بالبر الذى يرفع الشأن « البر يرفع شأن الأمة وعار الشعوب الخطية
( رو ‏(.‏ 4 : 2 ( 2 ) - ( تك ‏(.‏ ‎14‎ : 4
( يش ‏(.)‏ ‎13‎ : 7 4 ) - ( مز ‏(.‏ 3 : 6
( مز ‏(.)‏ 4 : ‎23‎ 6 ) - ( مز‎27‎ ‏(.‏ 1 : ( 7 ) - ( أم ‏(.‏ ‎34‎ : ‎14‎
الخطية هى كسر للوصية الإلهية الذى يعيش فى الخطية هو يرفض محبة الله لأنه يقول « الذى عنده وصاياى ويحفظها فهو الذى يحبنى ‏»)‏ 1 ) والوصية الأولى والعظمى هى « تحب الرب إلهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل قدرتك ومن كل فكرك القلب التائب يداوم على قراءة الكتاب المقدس ، ويحفظ الوصية فكراً‏ وسلوكاً‏ لكى