Tarek El Mahaba July Issue | Page 15

فَلاَ‏ تَهْتَمُّوا لِلْغَد

لاحظ كاهن كنيسه إحدى القرى أن أحد المزارعين المسيحيين قد تغيب عن حضور القداس مرتين متتاليتين فزاره للإطمئنان عليه . و لما طرق الباب فتح له أبن ذلك المزارع ، أما المزارع نفسه كان فى هم شديد ، فنسى أن يقوم و يرحب بالكاهن ، و يقبل يديه و يأمر له بالقهوة او الشاى ‏!.‏ فانقبض قلب الكاهن خوفا على أبنه المزارع و قال له : خيرا يا ولدى ! مالك جالسا مهموما ماذا حدث ؟!‏ فرد الرجل : المحصول يا أبانا ‏...‏ محصول القمح ‏.؟ - ماله المحصول ؟!‏ – جاء ناقصا هذا العام ‏...‏ و عائلتى معرضه للجوع شهريين ‏!.‏
– و كيف ذلك ؟
– أنت تعلم يا أبانا أنى رجل أعول أسره كثيره الأفراد تستهللك كل شهر عشر كيلات من القمح ‏...‏ و محصول الحقل الذى أملكه مساوى لاحتياجات فهو عاده ‎120‎ كيله ‏...‏ و لكنى بعدما جمعت القمح بالمخزون هذا العام وجدته ‎100‎ كيله فقط ‏...‏ و لذا تجدنى فى هم من اين أت بخبز للأسرة فى الشهريين الباقيين ؟.‏ علما بأني راجل محدود الدخل ليس عندى مصدر آخر للحصول على مال لأشترى به قمحا من جهه اخرى . قال ابونا الكاهن : و لهذا السبب لم تحضر القداس فى المرتيين الأخيرتين ؟!‏ قال المزارع : نعم ‏...‏ أن المشكله جعلتنى أنسى ‏.!‏
– هل لهذه الدرجه تحمل الهم ؟.‏ اسمع يا ولدى ! يمكنك أن تخلص من القلق وتنام مستريحا الليله و كل ليله ، و تعود إلى وجهك الأبتسامه الجميله ، و تذكر حقوق الله عليك فتعود إلى الصلاه و حضور القداس . بشرط ان تطيعنى فيما أشير به عليك ، ولا تسألنى عما سأطلبه منك . ؟
– حاضر يا أبى أريد أن أخلص من الهم و الغم بأى ثمن ‏...‏ قال الأب الكاهن : كل ما أطلبه أن تأمر امرأتك بأن تذبح دجاجه و تسلقها و تحمرها و تحضرها هنا . قال المزارع : هذا أمر بسيط ‏.!‏ و بعد فتره قصيره كانت الدجاجه مجهزه كما طلب أبونا من المزارع و قال المزارع الدجاجه جاهزه يا أبانا . فقال الكاهن الحكيم : ضعها فى وعاء مغطى ، و لفها بقطعه قماش محكمه مع عده أرغفه ‏...‏ و لما نفذ الرجل ‏...‏ قال أبونا : هيا بنا الأن نخرج إلى جهه سأعينها لك ‏...‏ – و ماذا سسنفعل بالدجاجه و الخبز ؟ - ستعرف الأن . و أذكر إننا أتفقنا على ألا تسأل ‏!!!!‏ و خرج الأثنان من الدار ‏...‏ و الرجل حامل الطعام الشهى و الخبز الطرى الجميل . و سارا بمحازاه شاطىء الترعه ‏...‏ حتى اقتربا من كوخ متواضع عند طرف القريه و قال الكاهن : أطرق باب هذا الكوخ فإذا فتحت لك الأرملة الساكنه فيه ، فقل لها خذى هذه دجاجه و خبز عشاءا لك إنت و أولادكم الليله . فإذا رفضت أن تأخذه منك فأطلب منها أن تبقيها للصباح . أما أنا فأجلس بين الزروع قليلا فى انتظار عودتك لتخبرنى بما سيكون ‏...‏ و أطاع الرجل و طرق الباب فخرجت له الأرملة و إثنان من أبنائها . فقال لها الرجل : خذى الدجاجه المحمره و هذه الأرغفه عشاء لك هذه الليله . فقالت : الحمدلله . لقد تعشينا ( بجبن قريش ) أرسله لنا الرب على يد أحد الرجال المحسنين . فقال الرجل : ابقيها عندك إلى الصباح لتتغدوا بها مستقبلا ، فقالت المرأه : و هل تضمن لنا أن نعيش إلى الصباح ؟!‏ اننى يا سيدى أعيش حسب الكتاب المقدس : ولا تهتموا للغد لأن الغد يهتم بنفسه يكفى اليوم شره ، توفى زوجى منذ سنوات وترك لى خمسه أبناء و لكن الله لم يهملنا و لم يتركنا لأننا متوكلون عليه صحيح انى أعمل لاعول أولادي لكن مطالب الحياه الكثيره لايكفى جهدى لسدها ‏...‏ و الرب لم يتركنا . كل يوم يرسل لنا إحسانا و انا لا أعرف الهم أو القلق فالمسيحى لايصح أن يعيش قلقا مهموما نحن أفضل من طيور كثيره و كما الرب أوصانا الا نهتم بالغد أنا لا أستطيع أن أخالف وصيه الله عشت سنين طويله أرملة و لم يتركنا نشعر بالاحتياج ولا يوما واحداً‏ ولا حتى الى اى شئ ولو قليلا جداً‏ فإن الله يبارك فأنا لاأستطيع أن أكسر الوصيه و أخذ الأكل ! فان الله يدبر حياتنا كما يليق . ثم رجع الرجل و معه الطعام و قال : هذه المرأه أعطينى درسا عظيما درس الأتكال على الله لن أحمل هم الغد سامحنى يا أبانا ‏...‏
« فَلاَ‏ تَهْتَمُّوا لِلْغَدِ‏ ، لأِ‏ ‏َنَّ‏ ٱلْغَدَ‏ يَهْتَمُّ‏ بمِ‏ ‏َا لِنَفْسِ‏ هِ‏ . يَكْفِي ٱلْيَوْمَ‏ شرَ‏ ‏ُّهُ‏ ‏.«)‏ ‏مَتَّى‏ ‏‏‎6:34‎ )
‎15‎