المغفرَة وَاللهُ الغفوُر
قداسة البابا شنودة الثالث
4
نحن يا إخوتي كلنا خطاة . وكما قال القديس يوحنا الرسول « إن قلنا إنه ليست لنا خطية ، نضل أنفسنا وليس الحق فينا » ( 1يو1 (. 8 : ومادامت لنا خطايا ، فنحن نحتاج إذًا إلى المغفرة . وهكذا فإننا نطلب المغفرة في كل يوم ، قائلين في الصلاة « أغفر لنا ذنوبنا .. » حسب ما أوصانا الرب أن نقول . وفي كل هذا نعتمد على الله الغفور ... الله الغفور :
+ ورد في سفر إشعياء النبي « هلمَ نتحاجج – يقول الرب – إن كانت خطاياكم كالقرمز تبيضَ كالثلج . إن كانت حمراء كالدودي تصير بيضاء كالصوف » ( إش1 (. 18 :
+ ويقول في سفر حزقيال النبي « إذا رجع الشرير عن جميع خطاياه التي فعلها ، وحفظ كل فرائضي وفعل حقًا وعدلاً ، فيحاة يحيا ، لا يموت . كل معاصيه التي فعلها لا تذكر عليه . في بره الذي عمل يحيا » ( حز18 (. 22 ، 21 :
+ وداود النبي يشهد في المزمور فيقول « باركي يا نفسي الرب ولا تنسي كل حسناته – الذي يغفر جميع ذنوبك .. الذي يفدي من الحفرة حياتك » ( مز103 (. 3 ، 2 : ويقول أيضً ا « الرب رحيم ورؤوف طويل الروح وكثير الرحمة .. لم يصنع معنا حسب خطايانا ، ولم يجازنا حسب آثامنا . لأنه مثل ارتفاع السموات فوق الأرض ، قويت رحمته على خائفيه . كبعد المشرق عن المغرب ، أبعد عنا معاصينا . كما يترأف الأب على البنين ، يترأف الرب على خائفيه . لأنه يعرف جبلتنا ،
يذكر أننا تراب نحن » ( مز103 14-8 : (.
+ والرب يغفر لأن هذه هي طبيعته : المحبة والرحمة . وأيضً ا لأنه يقول : « هل مسرة أسرَ بموت الشرير – يقول الرب – إلا برجوعه عن طرقه فيحيا » ( حز18 (. 23 :
+ إنه لم يغفر فقط ، وإنما أعطى سلطان المغفرة لكهنته ، فقال « من غفرتم خطاياه تغفر له » ( يو20 ) 23 : « وكل ما تحلونه على الأرض يكون محلولاً في السماء » ( مت18:18 (. بل وأمر الناس أيضً ا أن يغفروا بعضهم لبعض . وقال « اغفروا يُغفر لكم » ( لو6 (. 37 : وحذّر من عدم المفغرة قائلاً « إن لم تغفروا للناس زلاتهم ، لا يغفر لكم أبوكم زلاتكم » ( مت6 (. 15 : ولما سأله بطرس الرسول « كم مرة يارب يخطئ إلىّ أخي وأنا أغفر له ؟ هل إلى سبع مرات ؟« أجاب الرب « لا أقول لك إلى سبع مرات ، بل إلى سبعين مرة سبع مرات » ( مت18 ) 22 ، 21 : أى ما لا يُحصى من المرات .
أمثلة للمَغفرة :
+ لقد غفر الرب لأهل نينوى بعد أن كان قد حكم عليهم بالهلاك . ويقول الكتاب في هذا « فلما رأى الله أعمالهم أنهم رجعوا عن طريقهم الرديئة ، ندم الله على الشر الذي تكلم أن يصنعه بهم ، فلم يصنعه » ( يون3 (. 10 : وقال ليونان النبي « أفلا أشفق أنا على نينوى المدينة العظيمة ..؟« ( 4 (. 11 :
+ وغفر الرب لزكا العشار ، ودخل بيته غير مبالٍ بتذمر اليهود لأنه دخل ليبيت عند رجل خاطئ . بل قال « اليوم حصل خلاص لهذا البيت إذ هو أيضً ا ابن لإبراهيم » ( لو19 9-5 : (.
وبالمثل كان يحضر وليمة للعشارين . فلما تذمر الفريسيون ، قال لهم « لا يحتاج الأصحاء إلى طبيب بل المرضى . فأذهبوا وتعلّموا ما هو : إني أريد رحمة لا ذبيحة . لأني لم أتِ لأدعو أبرارًا بل خطاة إلى التوبة » ( مت9 13-10 : (.
+ ولقد غفر الرب للص اليمين المصلوب معه ، وأعطاه وعدًا بالدخول إلى الفردوس قائلاً له : « الحق أقول لك إنك اليوم تكون معي في الفردوس » ( لو23 (. 43 : أى أنه غفر لهذا اللص الذي قضى كل حياته في الشر ، ونال الوعد بالخلاص في آخر ساعات حياته .
+ وغفر الرب لكثير من النساء : للمرأة التي بللت قدميه بدموعها ومسحتهما بشعر رأسها ، وفضّ لها على الفريسي وقال « إن خطاياها الكثيرة قد غُفرت لها لأنها أحبت كثيرًا » ( لو7 46-36 : (. وغفر للمرأة الزانية المضبوطة في ذات الفعل ، التي أراد الكتبة والفريسيون رجمها حسب شريعة موسى . فوبخهم الرب قائلاً « من كان منكم بلا خطية فليرَ مها بأول حجر » ولما صرفهم عنها ، قال لها « أين المشتكون عليك ؟ أما دانك أحد .. وأنا أيضً ا لا أدينك . أذهبي ولا تخطئي أيضً ا » ( يو8 11-3 : (. وغفر أيضً ا للسامرية التي أخطأت مع خمسة رجال ، والذي كان معها وقتذاك لم يكن لها . وحدثها عن الماء الحى ، وعن السجود لله بالروح والحق . فصارت مبشرة لأهل مدينتها ( يو4 29-6 : (.
+ وغفر الله للذين في السبى ، وأرجعهم منه . وغفر ليهوشع الكاهن العظيم وجعل ملاكه يوبخ الشيطان المقاوم له ويقول له « لينتهرك الرب أيها الشيطان ، لينتهرك الرب . أليس هذا شعلة مُنتشلة من النار «. وبعد أن كان يهوشع بملابس قذرة ، قال له : أنظر ، قد أذهبت عنك آثمك ، وألبسك ملابس مزخرفة ، وألبسوه عمامة طاهرة ( زك3 (.
+ وحكى لنا عن قصة الابن الضال الذي رجع ، فقبله الآب وذبح له العجل المُسمَّن ، وألبسه الحلة الأولى وقال « نفرح لأن ابني هذا كان متيًا فعاش ، وكان ضالاً فوُجد » ( لو15 24-21 : (. وقال الرب « هكذا يكون فرح في السماء بخاطئ واحد يتوب ، أكثر من تسعة وتسعين بارًا لا يحتاجون