Tarek El Mahaba Easter Issue | Page 22

ماذا لو لم تكن قيامة ؟
‎22‎
لكي ندرك أهمية القيامة ولزومها . علينا ان نتخيل هذا السؤال ماذا كان سيحدث لو لم تكن هناك قيامة ؟ ونري نتائجه الخطيرة ‏...!‏ ‎1‎‏-‏ لو لم تكن قيامة . لكان مصير الانسان إلي الفناء ولأصبح الانسان كالحيوان الذي يموت وينتهي تماماً‏ ولا يعود إلي الوجود . وحينئذ نسأل : ما هي إذن الميزة التي يتميز بها هذا الكائن البشري العاقل الناطق . الذي وهبه الله العلم وموهبة التفكير والاختراع . والقدرة علي صنع مركبات الفضاء التي توصله إلي القمر وإلي المريخ . وتدور به حول الأرض . وترجعه اليها سالماً‏ . وحاصلاً‏ علي صور ومعلومات ‏..‏ هذا الانسان الذي قام بمخترعات أخري مذهلة كالكمبيوتر والفاكس وال Mobile Phone وغيرها . هل يعقل ان هذا الانسان العجيب الذي سلّطه الله علي نواحي عديدة من الطبيعة . يؤول جسده إلي مصير كمصير بهيمة أو حشرة أو بعض الهوام ؟!‏ ان العقل لا يصدق هذا ‏..!‏ وإلا لماذا خلقه الله بهذا الوعي . ومنحه كل هذه المواهب ؟!‏ وهو الوحيد الذي ائتمنه الله علي الوحي . وأرسل له الأنبياء . وصنع معه المعجزات ‏..‏ ان كان مصيره ينتهي إلي الفناء . وحفنة من تراب ‏!!‏ وهذا لا يتفق أيضاً‏ مع وعود الله له بالحياة الأبدية . وبالسماء ‏..!‏
ولو لم تكن قيامة . لكان جسد الانسان لا يتميز عن جميع المخلوقات الأخري ذوات الأجساد بينما هو يستطيع بما وهبه الله أن يسيطر عليها جميعاً‏ . وان يقوم لبعضها بواجب الرعاية والاهتمام ان أراد . وان يقوم علي البعض الآخر بحق السيطرة والاستخدام . فإن لم تكن هناك قيامة . وأصبح مصير جسده كمصير باقي تلك الكائنات غير العاقلة . إذن لزالت كرامة هذا البشري السيد الذي سلطه الله علي غيره من الكائنات الجسدية ‏..!‏
لو لم تكن قيامة . لضاعت المسئولية الضميرية وخشية الحساب الأخير . فمن المعروف ان الانسان حينما يقوم من الموت . يقف أمام منبر الله العادل ليعطي
حساباً‏ عن كل ما فعله بالجسد خيراً‏ كان أم شراً‏ . يعطي حساباً‏ ليس فقط عن أعماله . انما أيضاً‏ عن نياته وأفكاره ومشاعره الداخلية . ومادام سيقوم . فإنه لذلك يحيا حياة التدقيق والحرص . حياة البر والفضيلة التي يقف بها أمام الله في يوم الدين بلا خوف . وأمام الناس بلا خجل . فإن لم تكن قيامة . ولم يكن حساب . ولا خوف ولا خجل ‏..‏ اذن علي رأي المثل « من لا يستحي . فليفعل ما يشاء ‏«!!‏ اذن لو لم تكن قيامة . لانتشر الفساد . وانتشرت الابيقورية التي تقول « لنأكل ونشرب . فإننا غداً‏ نموت ‏«!‏ اذن لتهالك الناس علي ملاذ الناس وعلي شهواتها . مع السعي إلي المادة بكل قوة ولهفة ‏..!‏ ولو لم تكن قيامة . لسادت في العالم شريعة الغاب . وأكل الناس بعضهم بعضاً‏ . واستبد القوي بالضعيف . وساد الظلم والقسوة ‏..!‏ بل لانعدمت المباديء والقيم أو قَّل شأنها وتأثيرها إلي حد بعيد ‏..!‏
لو لم تكن قيامة . لأصبح الموت رعباً‏ . وزالت الشجاعة والتضحية ‏!!‏ حالياً‏ . لا يخاف الشجعان الموت علي رجاء القيامة . ويتقدم الشهداء إلي الموت غير هيابين . لأنهم يعرفون ان الموت ليس هو نهاية حياتهم . بل يرونه باباً‏ مفتوحاً‏ لحياة في الأبدية لا تنتهي . كذلك أي انسان يموت يكون له عزاء في الحياة الأخري . وبهذا يمكن ان يتقبل الموت بغير جزع . أما ان لم تكن هناك قيامة وحياة بعد الموت . فان الموت يكون مخيفا اذ يمثل نهاية ومأساة . وهذا ما كان يحدث للملحدين . وللطوائف التي تنكر القيامة والروح كالصدوقيين مثلاً‏ . * * * أن لم تكن هناك قيامة . فان موت أحبائنا وأصدقائنا وأقاربنا يكون سبب حزن شديد جداً‏ لنا لا عزاء فيه ان عزاءنا في موت أحبائنا هو اننا سنراهم في العالم الآخر . ونقول للرب في صلواتنا « انه ليس موتاً‏ لعبيدك . بل هو انتقال ‏«.‏ لذلك نقيم لهؤلاء الراحلين عنا تذكارات في مناسبات عديدة . ونثق انهم سيقومون في اليوم الأخير وسنراهم وتستمر علاقتنا بهم . نفس الكلام نقوله عمن نعجب بهم من أصحاب المواهب ومن مشاهير الناس الذين
عاشرناهم . ولهم في قلوبنا صلة تقدير ‏..‏ فان لم تكن قيامة . سنحزن جداً‏ إذ تنقطع صلتنا بكل التاريخ الذي عاصرناه والذي سمعنا عنه . وأيضاً‏ تنقطع صلة هذا التاريخ بنا ‏..!‏ أما الايمان بالقيامة فقدم للبشرية رجاء أوسع من هذا : ليس فقط في تلاقي الأحباء والأصدقاء . وانما أيضاً‏ في تلاقي الأجيال كلها . حيث يلتقي الناس هناك في السماء مع أبينا آدم وأبينا نوح وأبينا إبراهيم وسائر الأنبياء . ومع جميع الأبرار في جميع العصور ‏..‏ ستلتقي الأجيال كلها هناك في القيامة . وان لم تكن قيامة . لا يكون مثل هذا اللقاء المفرح للنفوس . ولعاش الناس في جيل محدود . وفي زمن محدود لا يتعدونه ‏..‏ ولانقطعت صلتنا جميعاً‏ بالأبرار وشفاعتهم .
وإن لم تكن قيامة . إذن سوف لا تكون لنا صلة بالسماء وسكانها ‏..‏ ولا أقصد بالسماء . هذه التي نراها بأعيننا . انما أقصد السماء التي يسكنها الملائكة والتي هي عرش الله ‏..‏ هذه التي لنا أمل فيها بالقيامة والحياة الأخري . حيث نعيش في السماء بعد القيامة . فإن لم تكن قيامة . سنحرم من السماء ومن الملائكة وكل الطغمات السمائية . ويكون حديثنا الآن عن كل هؤلاء حديثاً‏ نظرياً‏ . وكذلك يكون حديثنا عن النعيم الأبدي . وعما لم تره عين ولم تسمع به اذن وما لم يخطر علي قلب بشر ‏..‏ أيكون هذا أيضاً‏ كأنه أحلام أو أوهام ؟!‏ وان لم تكن هناك قيامة ولا سماء . فما معني ان الابرار بعمل الخير يكنزون لهم كنوزاً‏ في السماء . تُحفظ لهم حين يصلون اليها ؟!‏ * * * وأن لم تكن قيامة . فسنُحرم من الحياة المثالية التي في الأبدية نحُرم من ذلك الجو الروحي الذي هناك : حيث لا خطيئة ولا فساد ولا مؤامرات ولا انقسامات ولا شيء من الأخطاء التي في عالمنا ‏..‏ وأيضاً‏ حيث لا تعب ولا ضيق ولا مرض ولا حزن ولا بكاء ‏..‏ بل الجو الذي يسوده السلام والألفة والحب . هذا الأمر الذي نشتهيه ونترجاه . ونحلم ان