Tarek El Mahaba Easter Issue | Page 21

رسالة بين قلمين ‏..‏

التوبة

‏...‏ أأنتم خطاة ؟ لا تيأسوا ! فأنا اصر على ان اقدم لكم الرجاءكدواء و كافضل علاج لضعفهم لانى اعرف الى اى مدى يمكن للثقة المستمرة والرجاء فى الله ان تكون سلاحا فعالا مقابل الشيطان . لن اكف عن ان أكرر لكم انه اذا أخطأتم لا تسقطوا فى الياس . ان أخطأتم كل يوم فتوبوا كل يوم ! اسالكم سؤالا فقولوا لى : ماذا نفعل عندما تتهدم مبانينا القًديمة ؟ الا نضع جانبا الأشياء المتهدمة لنقيم بدلا منها الجديد ؟ ولا ندخر الجهد فى بذل كل اهتمامنا لهذا التعمير . فليكن لنا مثًل هذا بالنسبة لانفسنا ، فان خضعتم للخطية ، فجددوا انفسكم بالتوبة . ستقول لى : كل حياتى وانا واقع تحت سطوة الخطية ، وانت تقول لى الان : اذا انت قدمت توبة ، فستجد الخلاص و العتق ! - نعم بكل تاكيد . وإذا سألتني : من أين لك هذه الثقة ؟ - أقول لكم من مراحم الله تجاه البشر . لا تفتكروا أننى ابنى ثقتى هذه فقط على توبتكم ، لانى اعرف انها لا تقوى على طرد كل الشرور من القلب . اذا كانت لا توجد غير التوبة فقط لكان يحق لكم ان تكونوا قلقين ! اما اذا كان صلاح الله هو أساس اعتمادنا ، فيجب ان تثقوا . فمراحم الله نحونا لا نهائية ، بل أقول أيضا انها تفوق كل تعبير . ان ضعفائكم محدودة ، اما علاجها فليس له حدود ، حتى وان كانت أخطائكم لا تحصى ، فهى لا تزيد عن كونها اخطاء بشرية
، وهى لا تقاس ازاءصلاح الله اللانهائي . فليكن لكم ثقة فى الله لان التوبة ستنتصر على رذايلكم . تخيلوا معى شعلة سقطت فى
البحر هل يمكنها بعد ذلك ان تظل مشتعلة ؟ ان خطاياكم ستتلاشى عندما تتلامس مع صلاح الله مثل انطفاء الشعلة اذا لامست الماء ، بل ان المحيط رغم اتساعه فهو له حدود اما المراحم الإلهية فهى غير محدودة الاعتراف المقدس هل لاحظتم ان اللص قد تبرر بفضل اعترافه عن خطاياه ؟ ان الاحسان الالهى نحو البشر اعظم جدا . انه لم يشفق على ابنه الخاص لكى يشفق على العبد . لقد . اسلم ابنه لكى يفتدى العبيد الجاحدين ، وسفك دمه كثمن لهم . ياللاحسان الالهى ! أرجوكم لا تعودوا تحتجون بقولكم : لقد اخطات كثيرا فكيف يمكن ان اخلص ؟ لان ما لا تستطيعون ان تعملوه فالله يستطيع وقدرته قادره حتى الى محو كل خطاياكم . الله قادر على تطهير الانسان حتى ولو كان كله نجاسة . فلنتقوى بهذه التعاليم ونزداد نضوجا بمعرفة هذا الدواء اعنى التوبة . ولنقدم السجود اللائق لله لان له القوة والمجد الى دهر الدهور أمين
للقديس يوحنا ذهبى الفم
الصوم و التقابل مع أنفسنا ومع الله من العسير جدا على اى إنسان ان يلتقى مع نفسه فى مواجهة داخلية كاشفة طالما هو يمارس حياته اليومية الروتينية : من اكل حتى الامتلاء و حديث لا يهدأ وانشغالات جانبية تافهة وتسليات و جرايد و فسح ونوم و زيارات . لذلك اصبح اختزال كل ماهو غير هام أمرا ضروريا فى الصيام المقدس
حتى تتهيأ لنا فرصة للاعتكاف الداخلي . ستواجهنا صعوبة حتمية عند البدء فى تقليل الاكل او تقليل الكلام او تقليل الخروج من البيت او تقليل ساعات النوم . ولكن يلزمنا جدا ان ندرك من البدء ان هذه الصعوبة مرجعها الى سببين : اولا حكم العادة والتغلب عليها امر هين ثانيا رغبة النفس الشديدة فى الهروب من الاعتكاف خوفا من مواجهة حقيقتها الخاطئة و رغبة منها فى الاستمرار فى انحلالها و تلذذها بالخطايا . وهذا امر يحتاج الى صرامة وحزم شديدين وانتباه للأعذار الواهية والكاذبة التى ستخلقها باستمرار للهروب من الاعتكاف والصوم فإذا نجح الانسان فى التغلب على عاداتة ثم نجح فى السلوك بصرامة وحزم وانتباه تجاه اعذار النفس ومراوغتها واستطاع ان يوفر لنفسه فرصا للهدوء والاعتكاف والصلاة يكون قد نجح فعلا فى الدخول فى بركات الأربعين المقدسة وتهيأ لكى يحقق ثمارها ان مجرد اكتشاف أنفسنا على حقيقتها واقتناعنا بسوء حالتنا ومقدار الانحلال الذى اصابنا سيطرحنا فى الحال امام باب الله بندامة وحسرة واستعداد لتوبة صادقة و سوف نتحقق بانفسنا انه لا سبيل الى الدخول فى حضرة الله الا من هذا الباب باب التوبة والندم وهكذا كما خرجنا بجهالتنا من حضرة الله عن طريق باب الاهمال و التوانى والكسل الروحى هكذا ينعم علينا بالعودة الى الله من باب الندامة الذى ينفتح لنا فى الاعتكاف عن كتاب الصوم الاربعينى المقدس للأب متى المسكين
‎21‎