« مَشَّ هَين وصوت لَينِّ « ( القديس مار إفرام السرياني ) الراهب كالملاك ... مِثل النسيم خفيف الحركة ، الوجود إلي جواره مُبْهِج ومُريح ... مَشيّته فى الدير رَزينة بقدر ما هي هادئة ، لا يَلتفت خَلْفه او يتلفت حوله ، يُنْزِل قَلّنْصُ وته ليكون نظره مُمتداً إلى الأمام قليلاً ، فلا ينظر إلا بضع خطوات قدامه ، أراد القديس سلوانس فى سيناء أن يسقي الحديقة ، فخرج وكان وَجهُه مُغْطَي ، وما كان ينظر سوي موضع قدمه فقط ، وكان شخص يتأمله فقال له : « لماذا غَطيتَ وَجهك يا أبي ، و أنت تَسقي البُستان ؟ فأجابه وقال له : « قُلتُ لئلا تُبصرَ عَينّي الشجر
، فينشغل عقلي عن شغله ! ». كما يُوصَّ الراهب ألا ينشغل بالأصوات من حُولُه وهو سائر وإنما يُبصر أمامه فقط ، فلا يَدع حب الإستطلاع يتمَلك منه ، كان أحد الشيوخ يمش ومعه تلميذه ، فوجد فى الطريق تفاحة مطروحة
، فأخذها وميزها ، ثم طرحها تحت رجليه وسحقها فى الأرض ، فقال له تلميذه : « لِماَ فَعلتَ هكذا يا أبي ؟ « فقال له الشيخ : « نعم يا إبني ، لأن شهوة الثمرة أخرجت آدم من الفردوس .« كما كُتِبَ عن راهب أنه وبينما كان يسير فى البرية وَجَدَ مالاً مُلقي فوق الرمال فقفز بقوة من فوقه ، وعلَّق أحد الشيوخ بقوله : إن ذالك الراهب لم يعبر المال فقط ، بل عبر الهوة التي تفصل الغني عن لعازر . والراهب فى الغالب يصلي متي كان سائراً ، فهو لا يخرج ليتمش ، فليست هناك فى الرهبنة نزهة بالمعني الحصرى العالمي ، بل شخص يخرج إلى البرية لتصفو نفسه وليهذب أفكاره ، قال القديس مار إسحق : ( النظر إلى القفر يمُ ِيت الشهوة من القلب ) ، هو يخرج للتأمل ولينظر إلى الصحراء الممتدة لتلتقي بقبة السماء مما يذكره بالأبدية . ويجب ألا يمش الراهب برخاوة أو عَجرفة ، بل بتوازن ، يقول القديس باسيليوس ( أما المش فلا يكون بطيئا بانحلال كما لا يكون بسرعة وعجرفة حيث الحركات الخطرة ) ، كما لا يليق به ألا يُحدِ ث صوتا أثناء سيره بل ليكُن حذاؤه خفيفا ، ويمش وكأنه علي أطراف أصابع قدميه ، كما يمنع تماما التنقل بين أروقة الدير ( التسكع ) أو ما يطلق عليه
( الدوران ) أو عدم القدرة على الصبر فى القلاية ، فى حين يجب ألا يخرج منها إلا لضرورة مُلِحة وليعود إليها سريعاً ، كمن يخش الوحوش والأعداء . لذلك فإنه من المناظر المألوفة فى الأديرة أن تجد الرهبان والراهبات يفرون عقب القداس كالأشباح أو قل الأطياف ... كُلِّ فى إتجاه قلايته ، يغطون وُجُوهِ هِم بالشال ، بينما لا يتحدثون مع أحد ، هاربين بما يحملون من كنز ثمين أخذوه من فوق المذبح . كما إعتاد الرهبان ألا يحادث أحد أخاه وهو يمش ، بل يلتزم الصمت فلعله يُصلي أو يتأمل أو يحاسب نفسه ، ومِن ثَمَ فإنه لا يجوز مطلقا أن يصطحب راهب زميلاً له بنوع الصداقة الخاصة ، يده فى يده أو متأبطاً إياه بشئ من الدالة ، مما يعكس سلوكاً رخوياً . بل يُنصح الراهب بأن يكون سَ يره كما يسير السهم ، أقصد من جة إختيار أقصر الطرق ، وعدم التعريج علي شئ آخر خلاف الهدف الذي يمش لأجله ، فبقدر اللطف والإتضاع تتسم حياة الراهب بالرجولة الروحية .
6
« مَشَّ هَين وصوت لَينِّ « ( القديس مار إفرام السرياني ) الراهب كالملاك ... مِثل النسيم خفيف الحركة ، الوجود إلي جواره مُبْهِج ومُريح ... مَشيّته فى الدير رَزينة بقدر ما هي هادئة ، لا يَلتفت خَلْفه او يتلفت حوله ، يُنْزِل قَلّنْصُ وته ليكون نظره مُمتداً إلى الأمام قليلاً ، فلا ينظر إلا بضع خطوات قدامه ، أراد القديس سلوانس فى سيناء أن يسقي الحديقة ، فخرج وكان وَجهُه مُغْطَي ، وما كان ينظر سوي موضع قدمه فقط ، وكان شخص يتأمله فقال له : « لماذا غَطيتَ وَجهك يا أبي ، و أنت تَسقي البُستان ؟ فأجابه وقال له : « قُلتُ لئلا تُبصرَ عَينّي الشجر
، فينشغل عقلي عن شغله ! ». كما يُوصَّ الراهب ألا ينشغل بالأصوات من حُولُه وهو سائر وإنما يُبصر أمامه فقط ، فلا يَدع حب الإستطلاع يتمَلك منه ، كان أحد الشيوخ يمش ومعه تلميذه ، فوجد فى الطريق تفاحة مطروحة
الراهب والمشي
، فأخذها وميزها ، ثم طرحها تحت رجليه وسحقها فى الأرض ، فقال له تلميذه : « لِماَ فَعلتَ هكذا يا أبي ؟ « فقال له الشيخ : « نعم يا إبني ، لأن شهوة الثمرة أخرجت آدم من الفردوس .« كما كُتِبَ عن راهب أنه وبينما كان يسير فى البرية وَجَدَ مالاً مُلقي فوق الرمال فقفز بقوة من فوقه ، وعلَّق أحد الشيوخ بقوله : إن ذالك الراهب لم يعبر المال فقط ، بل عبر الهوة التي تفصل الغني عن لعازر . والراهب فى الغالب يصلي متي كان سائراً ، فهو لا يخرج ليتمش ، فليست هناك فى الرهبنة نزهة بالمعني الحصرى العالمي ، بل شخص يخرج إلى البرية لتصفو نفسه وليهذب أفكاره ، قال القديس مار إسحق : ( النظر إلى القفر يمُ ِيت الشهوة من القلب ) ، هو يخرج للتأمل ولينظر إلى الصحراء الممتدة لتلتقي بقبة السماء مما يذكره بالأبدية . ويجب ألا يمش الراهب برخاوة أو عَجرفة ، بل بتوازن ، يقول القديس باسيليوس ( أما المش فلا يكون بطيئا بانحلال كما لا يكون بسرعة وعجرفة حيث الحركات الخطرة ) ، كما لا يليق به ألا يُحدِ ث صوتا أثناء سيره بل ليكُن حذاؤه خفيفا ، ويمش وكأنه علي أطراف أصابع قدميه ، كما يمنع تماما التنقل بين أروقة الدير ( التسكع ) أو ما يطلق عليه
نيافة الأنبا مكاريوس أسقف عام المنيا
( الدوران ) أو عدم القدرة على الصبر فى القلاية ، فى حين يجب ألا يخرج منها إلا لضرورة مُلِحة وليعود إليها سريعاً ، كمن يخش الوحوش والأعداء . لذلك فإنه من المناظر المألوفة فى الأديرة أن تجد الرهبان والراهبات يفرون عقب القداس كالأشباح أو قل الأطياف ... كُلِّ فى إتجاه قلايته ، يغطون وُجُوهِ هِم بالشال ، بينما لا يتحدثون مع أحد ، هاربين بما يحملون من كنز ثمين أخذوه من فوق المذبح . كما إعتاد الرهبان ألا يحادث أحد أخاه وهو يمش ، بل يلتزم الصمت فلعله يُصلي أو يتأمل أو يحاسب نفسه ، ومِن ثَمَ فإنه لا يجوز مطلقا أن يصطحب راهب زميلاً له بنوع الصداقة الخاصة ، يده فى يده أو متأبطاً إياه بشئ من الدالة ، مما يعكس سلوكاً رخوياً . بل يُنصح الراهب بأن يكون سَ يره كما يسير السهم ، أقصد من جة إختيار أقصر الطرق ، وعدم التعريج علي شئ آخر خلاف الهدف الذي يمش لأجله ، فبقدر اللطف والإتضاع تتسم حياة الراهب بالرجولة الروحية .