Tarek El Mahaba April Issue | Page 8

القيامة القوية

لنيافة الأنبا رفائيل

8
لا شك أن قيامة السيد المسيح ، كانت قوية ومتميزة ‏!!‏ وذلك لأنه
‎1‎‏-‏ قام بقوته الذاتية ، وليس بقوة خارجية . ‎2‎‏-‏ قام بجسد نورانى ممجد .
‎3‎‏-‏ قام ولم يمت ، ولن يموت إلى الأبد .
‎1‎‏-‏ قام بقوته الذاتية جميع الذين قاموا من البشر ، قاموا بقوة خارجة عنهم ، إذ قاموا بقوة الله معطى الحياة ، وذلك بصلوات الأنبياء والرسل والقديسين ، حين طلبوا من الرب أن يقيم هذه الأجساد . فقد صرخ إيليا أمام جثمان الولد : « يارب إلهى ، لترجع نفس هذا الولد إلى جوفه . فسمع الرب لصوت إيليا ، فرجعت نفس الولد إلى جوفه فعاش » ( ‎1‎مل ‎20:17‎‏-‏
‏(.‏ ‎22‎ واليشع « صلى إلى الرب ‏«،‏ فأقام ابن المرأة الشونمية ( ‎2‎مل ‏(.‏ ‎33:4‎ وبطرس الرسول « جثا على ركبتيه وصلى ‏«،‏ فأقام طابيثا ( أع ‏(.‏ ‎40:9‎
أما الرب يسوع فكان يقيم الموتى بكلمة : « أيها الشاب لك أقول قم » ( لو ‏(.‏ ‎14:7‎
« دخل وأمسك بيدها ( إبنة يايرس ) فقامت الصبية » ( مت ‏(.‏ ‎25:9‎
« لعازر ‏...‏ هلم خارجاً‏ » ( يو ‏(.‏ ‎43:11‎
أما المناجاة التى ناجى بها الآب قبل إقامة لعازر ، فلم تكن لكى يطلب قوة خارجاً‏ عنه ، بل لكى يظهر وحدته مع الآب ، بدليل قوله : « أنا هو القيامة والحياة ، من آمن بى ولو مات فسيحيا » ( يو ‏(.‏ ‎25:11‎
إن الرب يسوع قد قام بقوته الذاتية ، فلاهوته المتحد بناسوته ، لم يفارقه لحظة واحدة ، ولا طرفة عين ، ومع أن الناسوت مات ، إلا أن اللاهوت حىَ‏ لا يموت ، وحينما يقرأ عبارة « أقامها الله ، ناقضاً‏ أوجاع الموت ، إذ لم يكن ممكناً‏ أن يمسك منه » ( أع ) ‎24:2‎ تعنى أن اللاهوت الحىَ‏ ، أقام الناسوت الميت ، الميت مؤقتاً‏ لإتمام الفداء ، والحىَ‏ إلى الأبد فى صورة نورانية ممجدة بعد القيامة ، والدليل موجود فى نفس الآية ، أن الموت يمسك البشر المحدودين الخطاة ، أما الرب يسوع فهو الإله المتجسد ، الذى شابهنا - حينما تجسد - فى كل شئ ، ماخلا الخطية وحدها .
إنه الرب يسوع الذى رآه يوحنا الحبيب فى رؤياه ، ومع
أنه تعود فى القديم أن يتكئ على صدر المخلص ، إذ به يسقط عند رجليه كميت ، حينما رآه ممجداً‏ وفى صورة بهية . إلا أن الرب أشفق عليه ، ووضع يده اليمنى عليه قائلاً‏ : « لا تخف ، أنا الأول والآخر ، الحى وكنت ميتاً‏ ، وها أنا حى إلى أبد الآبدين آمين ، ولى مفاتيح الهاوية والموت » ( رؤ ‏(.‏ ‎18:15‎
‎2‎‏-‏ قام بجسد نورانى ممجد حينما قام السيد المسيح ، قام بجسد نورانى روحانى خالد ، ليس كالجسد الذى مات به ، الذى كان قابلاً‏ للموت . أما كل الذين قاموا بمعجزات محددة ، فقد قاموا بأجساد كثيفة ، تحتاج إلى الطعام والشراب لتعيش ، ويمكن أن تمرض ، وأن تخطئ ، وأن تشيخ ، وأن تموت ‏...‏ لكن الرب يسوع قام بجسد القيامة ، الذى سنقوم به نحن فى اليوم الأخير ، فى القيامة العامة . ومع أن الرب يسوع كان يظهر لتلاميذه بجسد القيامة النورانى ، فيدخل والأبواب مغلقة ، ويمشى مع تلميذى عمواس ويتراءى للرسل بهيئة مجيدة ‏...‏ إلا أنه كان فى بعض الأوقات يظهر لهم فى الصورة الحسية القديمة ، لكى يؤكد لهم حقيقة القيامة ، وأنه ليس خيالاً‏ أو روحاً‏ كما يظنون . فكان يأكل معهم ويدعهم يلمسونه ويجسونه ويمسكون بقدميه ‏...‏
ها هو توما يضع إصبعه فى اثر المسامير ، ويضع يده فى جنبه لكى يؤمن ( يو ‎29-24:20‎ ‏(.‏
« وها هو يقول للتلاميذ ، بعد أن وقف فى وسطهم ، وظنوا أنهم نظروا روحاً‏ : انظروا يدى ورجلى إنى أنا هو . جسونى وانظروا ، فإن الروح ليس له لحم وعظام كما ترون لى . وحين قال هذا أراهم يديه ورجليه . ثم قال لهم : أعندكم ههنا طعام ؟ فناولوه جزءاً‏ من سمك مشوى وشيئاً‏ من شهد عسل ، فأكل قدامهم » ( لو ‎43-36:24‎ ‏(.‏ وها هو يسمح للمجدلية ومريم الأخرى أن تمسكا بقدميه ( مت ‏(.‏ ‎9:28‎
لقد كان الرب يسوع يهدف ، بعد القيامة ، وخلال الأربعين يوماً‏ قبل الصعود ، إلى أن يبرز لنا أمرين :
‎1‎‏-‏ أنه قام من الأموات حقاً‏ ‏...‏ بجسد روحانى نورانى ، وأن الذى ظهر للتلاميذ لم يكن « روحاً‏ » بل جسداً‏ روحانياً‏ ‏...‏ ولهذا جعلهم يلمسونه ويجسونه ، وأكل معهم ، لكى يتأكدوا من حقيقة قيامته .
‎2‎‏-‏ أن جسد القيامة الروحانى ، هو الجسد النهائى الذى سنقوم به من الأموات ، وهو جسد نورانى لا يمرض ولا يخطئ ولا يشيخ ولا يموت ، بل يحيا إلى الأبد .
وهذا وعد الرب لنا أنه « سيغير شكل جسد تواضعنا ليكون على صورة جسد مجده » ( فى ‏(.‏ ‎20:3،21‎ لأنه « كما لبسنا صورة الترابى ، سنلبس أيضاً‏ صورة السماوى ‏...‏ أن لحماً‏ ودماً‏ لا يقدران أن يرثا ملكوت الله ، ولا يرث الفساد عدم الفساد » ( ‎1‎كو ‏(.‏ ‎49:15،50‎
‎3‎‏-‏ قام ولم يمت ولن يموت إلى الأبد
فلقد قام كثيرون - قبل قيامة المسيح وبعدها - ولكن جميع الذين قاموا ماتوا أيضاً‏ :
‎1‎‏-‏ ابن أرملة صرفة صيدا ‏..‏ أقامه ايليا ثم مات أيضاً‏ ( ‎1‎مل ‎24-8:17‎ ‏(.‏
‎2‎‏-‏ ابن المرأة الشونمية ( ‎2‎مل ‎37-17:4‎ ‏(...‏ قام بصلوات اليشع النبى ثم مات أيضاً‏ .
‎3‎‏-‏ عظام اليشع النبى أقامت ميتاً‏ ، ولكنه مات أيضاً‏ ( ‎2‎مل‎20:13،21‎ ‏(.‏
‎4‎‏-‏ أقام الرب يسوع ابن أرملة نايين ، ولكنه مات أيضاً‏ ( لو ‎15-11:7‎ ‏(.‏
‎5‎‏-‏ كما أقام ابنة يايرس ( مت ‎18:9،19‎و‎25-23‎ - مر ‎24-22:5‎و‎42-38‎ - لو ‎56-49‎ ، ‎41:8،42‎ ) ثم ماتت أيضاً‏ .
‎6‎‏-‏ وأقام لعازر ( يو ‎44-1:11‎ ) ولكنه مات أيضاً‏ .
‎7‎‏-‏ وقد أقام الرب أجساد الكثير من الراقدين وهو معلق على خشبة الصليب ، ودخلوا أورشليم بعد قيامته ، وظهروا لكثيرين ، ثم ماتوا أيضاً‏ ( مت ‏(.‏ ‎52:27،53‎
‎8‎‏-‏ وبطرس الرسول أقام طابيثا ( أع ‎42-36:9‎ ‏(،‏ ولكنها ماتت أيضاً‏ .
‎9‎‏-‏ كذلك أقام الرسول بولس افتيخوس ، الذى سقط من الطاقة بعد أن تثقل بالنوم ( أع ‏(،‏ ‎9:20‎ ولكنه مات أيضاً‏ .
‎10‎‏-‏ وأقام القديسون - عبر تاريخ الكنيسة المجيد - الكثير من الأموات ولكنهم ماتوا أيضاً‏ . أما الرب يسوع ، فقد ظهرت قوة قيامته فى أن الموت لم يستطع أن يمسكه ، كما أمسك بكل بنى آدم منذ آدم وإلى اليوم الأخير ، بسبب خطاياهم . لكن الرب يسوع ، وبسبب أنه شابهنا فى كل شئ ما خلا الخطيئة وحدها ، لم يستطع الموت أن يمسكه . بل أن نفسه الإنسانية انفصلت عن جسده الإنسانى ، غير أن لاهوته لم ينفصل قط ، لا من نفسه ولا من جسده . استمر اللاهوت - المالئ الكل والموجود فى كل مكان - متحداً‏ بالجسد المسجى فى القبر . واستمر اللاهوت متحداً‏ بنفسه الإنسانية التى نزلت إلى الجحيم . لذلك فعندما حاول الشيطان أن يقبض على نفس الإنسانية ، ولأنها بلا خطية ، ولأنها متحدة باللاهوت ، سحقت الشيطان ، وهزمته إلى الأبد . وأخذ الرب يسوع المسبيين الراقدين على الرجاء ، والذين كانوا فى الجحيم - مؤقتاً‏ - لحين إتمام الفداء ، حيث كان الفردوس مغلقاً‏ ، نقلهم الرب يسوع إلى الفردوس ، آخذاً‏ معهم أيضاً‏ اللص اليمين ، الذى كان قد وعده قائلاً‏ : « اليوم تكون معى فى الفردوس » ( لو ‏(.‏ ‎43:23‎
« أنه لم تترك نفسه فى الهاوية ، ولا رأى جسده فساداً‏ » ( أع
‏(،‏ ‎31:2‎ وهذا بعكس البشرية كلها ، التى سقطت تحت حكم الموت ، لأن « أجرة الخطية هى موت » ( رو ‏(.‏ ‎23:6‎
شكراً‏ لله ، الذى بقيامته سحق الموت ، فصرنا نهتف : « أين شوكتك ياموت ؟ أين غلبتك ياهاوية » ( ‎1‎كو ‏(.‏ ‎55:15‎