ليـــلة فـي
إنـــهـــــــــــــــــــا ذكريات خالدة تراودين، عندما كنت
فتاة صغرية يف مقتبل العمر أسلك صحبة عائلتي هذه املمرات
الجبلية واملسارات الصخرية، فوق قرية عني دراهم. داهمنا
الشتاء، وها نحن منيش لنلتحق بفندق السنديان، املعلق
وسط الغابة. مبنى كبري، بدأت مالمحه تظهر يف الضباب البارد
والكثيف الذي بدأ يتالىش تدريجيا يف شهر جانفي والذي زاد
من روعة املكان وسحره. مشينا يف وقت متأخر من هذا اليوم
وسط طبيعة خلاّبة، تتميز بغابات كثيفة تكسوها أشجار الفلني
والبلوط املمتدة عىل مدى البرص، وتنساب مياه جداولها بني
األعشاب، والتي أعادتنا، أنا وأختي ، إىل أيام طفولتنا حيث
كنا نحلم برقائق الثلج، واملنازل ذات األسطح املائلة، وبقصص
استثنائية تحيك لنا لعبة املتاهات يف الغابة. وحني استيقظنا
صباحا، اكتشفنا مشهدا من مشاهد جبال األلب، ومسارات
امليش، حيث علمنا أيب التعرف عىل آثار أقدام الخنازير الربية،
واكتشاف قرشة شجر بلوط الفلني.
وبعد مرور عرشين عام، ها أنا أعود ألول مرة للتمتع بهذه
املناظر الطبيعية التي طبعت طفولتي. تساقطت الثلوج
بغزارة عىل جبل عني دراهم، واكتست أشجار بلوط الفلني
بثوب أبيض وظهرت تشققات يف طبقة سميكة من الجليد
تحت قدماي. مشهد مذهل يتسم بنقاوة ثلوج الشتاء،
وصمت مطبق. إين أتوقع يف أي لحظة، وأنا عىل الطريق الذي
Une nuit à I one night at I
يقودين إىل فندق السنديان، أن أصادف منتجعا للتزلج. منظر
مثري للدهشة ! ولكن ريثام يلوح مثل هذا الرساب يف مشهد
مساحيق الثلج البيضاء، ها أنا أستمتع مبهرجان مرتجل لرجال
الثلج ؛ بعضهم يحمل شوارب والبعض اآلخر لحية، مشكلني
عالمات هزلية عىل طول الطريق تسرتعي انتباه املتنزهني
الذين تنتابهم الدهشة لرؤيتهم هذه املشاهد. مل يبقى من
فندق السنديان، إال هيكل فارغ، مهجور، ولوحة مصددة تذكر
مبايض مجيد ومتميز.
مل يحدث حول املبنى، أي تغيري يذكر منذ تلك السنوات،
وحافظت املنطقة عىل أصالتها وطابعها الريفي. يف هذه الطبيعة
األصلية، أتنفس الهواء البارد النقي الذي يكاد يجمد وجهي،
فينتابني شعور غري عادي ولكن مثري للنشاط والحيوية. قررنا
النزول نحو قرية عني دراهم، حيث بدأت الثلوج تذوب فوق
األسطح املائلة للشاليهات الجبلية بشكل تدريجي وتكشف عن
القرميد األحمر الذي تتميز به منازل هذه القرية. تقع مدينة
عني دراهم، التي يعني اسمها حرفيا "مصدر املال"، عىل سفح
جبل البري من جبال خمري "الكرومي" عىل ارتفاع 008 مرتا فوق
سطح البحر. يف زاوية الشارع، التقيت برجل عجوز يحمل حزمة
من قرشة شجرة بلوط الفلني، وغري بعيد عن هذا املكان، عدد
قليل من املتنزهني ميشون بخطى رسيعة. أجواء عديدة تعيدين
إىل أيام طفولتي الحلوة. I
envies
wishlist
رغبـاتنـــا
L’une des nombreuses maisons
à toit de tuile, une architecture
héritée de la période du
protectorat français. I One of
the several tile-roofed houses, an
architecture inherited from the
French Protectorate period. I
إحدى املنازل املغطاة بالقرميد،
هندسة معامرية موروثة عن فرتة
الحامية الفرنسيـــة. I
46
La Gazelle 58 I