رحلـة عبـر الزمـن
voyage dans le temps I journey through time I
évasion
fly away
لنتحـلّق
”
حللنا بالجزيـــــرة : األرض اليـوم،
قـــــــاحلة و البحــــر فـــــي كل مكـــــــان.
النخيــــــــل كذلــــك
“
دامــــــــــت الرحلة البحرية ساعة و نصفا منذ مغادرة
ميناء صفاقس. عىل منت مركب العبور "اللود"، ترتاءى لنا
صورة كالرساب : يف ما وراء املرآة، جزر قرقنة. أرض منبسطة
كالفطرية، عرضة للرياح ال يعرتض النظر فيها أي ترضيس.
الخطوط العمودية الوحيدة التي تبدو لنا ليست سوى أرشعة
السفن و جريدات النخيل البارزة من املاء.
تاريخ الجزيرة املعروف يعود إىل العهد الفينيقــــي. املؤرخ
اإلغريقي هريودوت يف كتابه "البحوث" يف القرن الخامس
قبل امليالد، يورد بعض األوصــاف : " بالقرب من هذا البلد،
يوجد، عىل حد قول القرطاجنيني، جزيـرة جد ضيقة تسمـى
ّ
سريونيـس. طولها مئتا غلوة (الغلوة = 006 قدم)، و ميكن
االنتقال إليها بسهولــــة من األرض اليــــابسة، وهي مغطاة
بالزيــــاتني و شجر العنب".
حللنا بالجزيرة : األرض، اليوم، قاحلة و البحر يف كل مكان.
النخيل كذلك. يجب أن نقول إن كل يشء يف قرقنة ينطلق من
النخلة : فثامرها غنية، و من النخلة يستخرج رشاب "الالڨمي"،
و غصونها تستخدم ملصيدات األسمــاك و لسقوف املنــازل،
و خشبها لصنع أجزاء من السفن.
فردوس يسبح في األزرق الممتد
ّ
طريق خطـّها الرومان لعبور الجزيرة. نحن نسلكها اليوم.
منر بالبلدات الصغرية. البيوت مازالت، يف معظمها، محافظة
عىل طابعها األصيل : كلها يف مستوى واحد و جدرانها مبنية
بالحجارة و مبيضة بالجري و سقوفها بجذوع النخيل.
عىل طول طريقنا، البحر ال يختفي عن األنظار. ال بد من القول بأن
البحر يف قرقنة مصدر رزق. البحر هنا محىل بـ "الرشايف": خطوط
451
La Gazelle 53 I