Feb | Page 7

الصوم واالستعداد للسماء

تذكّرنا الكنيسة دامئًا عىل مدار العام يف صلوات النوم والستار ( الخاصة باآلباء الرهبان ‏(،‏ بفكرة انتهاء العمر والوقوف أمام الله يف اليوم األخري ، باعتبار أن نهاية اليوم وانقضاء النهار هو مثال النقضاء العمر . وال تقصد الكنيسة أن تخيفنا ، ولكن لتجعلنا مستعدين ملالقاة الرب . وتقدم قطع الطلبات يف هذه الصلوات مادة دسمة للعمل الروحي واالستعداد للوقوف أمام الرب ‏..‏ وال يوجد أمر يجعلنا مستعدين للوقوف أمام الرب إالّ‏ االرتباط بحياة التوبة . والكنيسة تعترب أن فرتات الصوم هي أزمنة مناسبة للتوبة ، وفرتة استعداد وتنقية للنفس ليك ال يأيت علينا ذلك اليوم كلص . لذلك ففرتة الصوم املقدس يف الكنيسة فرتة يصحبها نشاط روحي عميق ، من صوم انقطاعي عن الطعام ، إىل قداسات متأخرة للمساء ، وتكثيف يف القراءات الكتابية ، فتضيف الكنيسة قراءة خاصة بفرتة الصوم الكبري وهي قراءة النبوات اثناء رفع بخور باكر ( والنبوات مشحونة بالدعوة للتوبة ‏(،‏ وطقس امليطانيات ( السجود املتكرر أمام الله ) لطلب الرحمة والغفران ، باإلضافة إىل األلحان النُسكية الخشوعية التي نطلب من الرب فيها الغفران ( ألنه ليس عبد بال خطية ، وال سيد بال مغفرة ‏(.‏ ويف صلوات األجبية هناك عدة حقائق تساعدنا عىل االستعداد ملالقاة الرب :
+ حقيقة أن العمر سينقيض : وهي حقيقة تذكّرنا بها قطع النوم ، ال لتخيفنا وال لتحزننا لكن لنستعد . فنحن عندما نصيل هذه الصلوات ال نتشاءم ، بل نكون يقظني ، فاملستعد يطلب من الرب ( اآلن يا سيد تطلق نفس عبدك بسالم حسب قولك ‏(.‏
+ إن الوقوف أمام الله حقيقة مؤكدة : فنحن اليوم-ونحن يف العامل-‏ نعرف الله كإله رحوم ورؤوف ، ولكن بعد انقضاء حياتنا سنقف أمامه كديّان عادل ( هوذا أنا عتيد أن أقف أمام الديان العادل ‏(..‏ فإذا تركنا العامل غري مستعدين فسنقف أمامه مرتعبني ، أمّا إذا أعددنا نفوسنا بالتوبة فسنقف أمامه فرحني بلقياه .
نيافة األنبا باخوميوس
+ تذكر ضعفنا البرشي ورشاسة العدو الشيطان : ( أنت تعلم يقظة أعدايئ ، وضعف طبيعتي أنت تعلمه يا خالقي ‏(.‏ وكأن الكنسية تعلّمنا أالّ‏ نثق بقوتنا أو تقدمنا الروحي ، بل نحرص دامئًا أالّ‏ نسلّم أنفسنا للضعف البرشي ، والتدرُّب عىل الصوم االنقطاعي هو من أنجح التداريب للتغلُّب عىل الضعف البرشي .
+ االهتامم بقراءة كلمة الله : لذلك تعلّمنا الكنيسة ( أَنِر عينيّ‏ بعظمة أقوالك ‏(،‏ فاالرتباط بالقراءات الكتابية الكنسية والشخصية تساعد اإلنسان عىل إدراك ضعفات النفس والتوبة عنها .
+ حقيقة أن أعاملنا كلها مكشوفة أمام الرب : وأن التوبة هي املربِّر الوحيد للسرت ، فنحن نشكر الله هنا ألنه سَ‏ رتَ‏ ‏َنا ، أمّا يف السامء فسينتهي زمان السرت ، وليس ما يسرت اإلنسان هنا إالّ‏ توبته ورجوعه عن خطاياه ( ستنكشف أعاملكِ‏ الرديئة ورشوركِ‏ القبيحة أمام الديان العادل ‏(.‏
+ التمسُّ‏ ك بالرجاء : فالكنيسة تعلّمنا أنه مهام كانت رشورنا عظيمة ، ومهام سلّمنا أنفسنا للتهاون أو التقصري أو الكسل ، إالّ‏ أن الكنيسة تعلّمنا أن نتخذ صورة العشار ونقرع صدورنا ( لكني أتخذ صورة العشار قائالً‏ : اللهم ارحمني أنا الخاطئ ‏(.‏
+ طلب معونة القديسني : لذلك تخصّ‏ ص الكنيسة القطعة األخرية من الطلبة اليومية يف صلوات األجبية لطلب معونة أمنا العذراء مريم ( هيِّئي يل أسباب التوبة ‏..‏ فإليكِ‏ أترضّ‏ ع ، وبكِ‏ أستشفع ، وإيّاكِ‏ أدعو ليك ال أخزى ‏(.‏
7