Feb | Page 12

الفرح

ونحن نحتفل أيها األحباء بعيد امليالد املجيد إمنا نحتفل احتفاالً‏ خاصً‏ ا ألن هذا العيد نفتتح به أعيادنا ىف السنة امليالدية ، وهذا العيد عيد امليالد والذى يحتفل به العامل كله إمنا هو احتفال بدخول الفرح إىل العامل ، كان العامل قبل ميالد السيد املسيح ال يشعر بفرح حقيقى كان العامل يعيش بعيدًا عن الفردوس . فحتى األبرار الذين عاشوا كان الفردوس أمامهم مغلقًا وكان الطريق الوحيد أمام البرش هو إىل الجحيم وكانت حياة اإلنسان تدور حول الذبائح املتكررة لعىل الله يرىض ويقبل وكان تكرار هذه الذبائح يعنى أنها ذات نفع مؤقت وصار العامل ىف حالة تخبط وتعدى عىل الوصية وانترشت الوصية وانترش الضعف ىف حياة البرش واحتاج اإلنسان أن يكون فرحًا ليشعر بإنسانيته .
وكان الفرح ىف ميالد السيد املسيح فاإلنسان بدون املسيح فاقد الفرح والسعادة الداخلية وإن كانت الدول تعمل من أجل رعاية الشعوب أما السيد املسيح فجاء من أجل رفاهية األفراد ، الله خلقنا لرسالة واإلنسان الذى ال يشعر بحياته يفقد الكثري من وجوده وال يشعر بلذة الحياة الجميلة وهذه هى النعمة التى أعطاها الله لإلنسان ، كان الفرح ينقص اإلنسان وجاء السيد املسيح مولودًا ىف مذود بيت لحم لىك ما مينح اإلنسان فرحًا كبريًا والسؤال األن من أين وكيف يأىت الفرح ؟ نحن نتعلم ىف الكنيسة ونصىل ىف الحاننا ونردد كلمة « هليللويا » وهى كلمة تهليل وفرح وهى كلمة مشهورة ىف سفر املزامري وسفر الرؤيا وتتكرر أربع مرات وتشري إىل جهات األرض األربعة أريد أن أتامل معكم ىف خمسة مشاهد عن الفرح من أين يأيت ؟
‎1‎‏-املشهد األول : ىف حياة أمنا العذراء مريم عندما نالت البشارة من املالك جربائيل ذهبت برسعة إىل القديسة أليصابات وذهبت إليها لتخدمها وعندما رأتها اليصابات ابتهج الجنني ىف بطنها أما أمنا العذراء حولت هذه املناسبة إىل صالة « تُعَظِّمُ‏ نَفْىسِ‏ الرَّبَّ‏ وَتَبْتَهِجُ‏ رُوحِ‏ ى بِاللهِ‏ مُخَلِّصِ‏ » فهذا هو املصدر األول للفرح الخالص ، أمنا العذراء من البرش وعرفت أنها تحتاج للخالص وهكذا جميع أجيال العهد القديم كانت تبحث باشتياق عن من يأىت ويخلص وحتى أجيال األمم كام قال سقراط » ال سبيل إىل معرفة الحقيقة إال إذا جاء رب الحقيقة وأعالنها بذاته ‏«.‏
مريم العذراء أمنا وفخر جنسنا وقفت وصلت وقالت : « تُعَظِّمُ‏ نَفْىسِ‏ الرَّبَّ‏ وَتَبْتَهِجُ‏ رُوحِ‏ ى بِاللهِ‏ مُخَلِّىصِ‏ » وكانها تضع ايدينا عىل أول طريق الفرح ، الفرح ال
يأىت أال من خالل خالص السيد املسيح عىل الصليب ولذلك نحن نصىل « نشكرك ألنك مألت الكل فرحًا أيها املخلص عندما أتيت لتعني العامل » فليس هناك فرحًا أال فرح الصليب هذا هو املصدر الرئيىس وأمنا العذراء تشري إليه وتعلمنا وتعلن احتياجها للخالص فاإلنسان لن يعرف فرحًا إال إذا بدء بالخالص الذى قدمه املسيح عىل الصليب هذا هو املصدر األول للفرح .
‎2‎‏-املشهد الثاىن : نراه ىف القديس يوسف النجار ذلك الشيخ الوقور الذى اختصه الله ليكون حارس لرس التجسد وكان رفيقًا ألمنا العذراء وىف الطريق لبيت لحم وهو الذى صاحب األم والطفل الرضيع إىل مرص عرب طرق شاقة جدًا ، الفرح هنا هو فرح املسئولية فالله عندما مينحنا مسئولية تكون مصدر للفرح إذا استخدمها اإلنسان بكل أمانة وأخالص ، وىف مثل الوزنات » كُنْتَ‏ أَمِينًا ىفِ‏ الْقَلِيلِ‏ فَأُقِيمُكَ‏ عَىلَ‏ الْكَثِريِ‏ . اُدْخُلْ‏ إِىلَ‏ فَرَحِ‏ سَ‏ يِّدِكَ‏ « ألنه كان أمينًا ومخلصً‏ ا ، قد تتعدد املسئوليات ولكن ىف كل مسئولية إذا تاجر فيها اإلنسان بكل امانة يجد فرحًا .
‎3‎‏-املشهد الثالث : مشهد املالئكة الذين ظهروا ىف السامء جعلوا السامء منرية ويسبحون ويرتلون « الْمَجْدُ‏ للهِ‏ ىفِ‏ األَعَايلِ‏ ، وَعَىلَ‏ األَرْضِ‏ السَّ‏ الَمُ‏ ، وَبِالنَّاسِ‏ الْمَرسَ‏ ‏َّةُ‏ « هذا الفرح هو فرح التسبيح ، التسبيح هو اللغة الراقية للصالة ، كان فرح التسبيح فرح حقيقًيا علمته لنا املالئكة من خالل هذه التسبحة القصرية ولكنها شاملة ، ال تستطيع أن تقدم تسبيحًا أال أن متجد الله أوالً‏ وأن تصنع سالم لتكون تسبحتك مقبولة والخطوة الثالثة بالناس املرسة وأنك أنت تشعر بهذا الفرح وتنرش الفرح ىف حياة الناس ، فعطية الحياة التى يعطيها الله لنا هو صاحبها فاطمنئ الله يقود خطواتك فعيش أيامك فرحًا وفرح من حولك ، املشهد الثالث كان التسبيح والتسبيح ميألك فرحًا .
‎4‎‏-‏ املشهد الرابع : نجده عند الرعاة وهم أناس بسطاء ومؤمتنني عىل القطعان التى يرعونها وكانوا يعتربوا خارج سكان أى مدينة ألنهم يتنقلون كانوا بكل أمانة يحرسوا القطعان ىف البادية وكانت هذه البساطة هى سبب الفرح يقول القديس أغسطينوس » وقفت عىل قمة العامل عندما وجدت نفىس ال أشتهى يشء وال أخاف يشء » هؤالء كانوا كذلك وكانت الصفة الغالبة فيهم أنهم عاشوا حياة الرضا ، اإلنسان الذى يتذمر ال يشعر بالفرح وهؤالء البسطاء الرعاة استحقوا أن يكونوا أول من يعرف ميالد السيد املسيح ىف العامل كله ، رمبا معيشتهم بسيطة ولكنها صنعت لهم فرحًا وظهر لهم املالك وقال لهم « فَهَا أَنَا أُبَرشِّ‏ ‏ُكُمْ‏ بِفَرَحٍ‏ عَظِ‏ يمٍ‏ يَكُونُ‏ لِجَمِيعِ‏ الشَّ‏ عْبِ‏ « ونعرف أنهم قاموا مرسعني وذهبوا إىل بيت لحم ونالوا الجائزة أنهم أول زوار وشاهدوا الطفل يسوع ، البساطة ىف الحياة وعدم التمسك باألرضيات يجعل اإلنسان فرحًا ليست السعادة ىف التملك اإلنسان ال يستعبد ليشء فكل هذا سيرتكه فلذلك ال يحمل هامً‏ ، الرعاة علمونا مشهد البساطة والرضا التى تعطى فرخًا لإلنسان .
‎5‎‏-املشهد الخامس : مشهد املجوس القادمني من بالد املرشق الذين استغرقوا شهورًا ىف رحلتهم كانوا علامء وأغنياء وتحملوا مشقة الرحلة ، وتبعوا النجم ووصلوا إىل أورشليم ووصلو للملك وسئلوا عن املولود ملك اليهود وطلب منهم هريودس أن يبحثوا عن الصبى بتدقيق ، أما هم فذهبوا وتبعوا النجم حتى وصلوا إىل البيت ومعهم الهدايا وهنا يظهر فرح املشاركة ، عندما تشارك اآلخرين
‎12‎