17 . 9 استخدام مُصطلح “ المرأة الفراشة ” كتعبير المجازي
. 9 استخدام مُصطلح “ المرأة الفراشة ” كتعبير المجازي
الهدف : فهم كيف يستحدث التّعبير المجازي “ المرأة الفراشة ” أفكاراً مُتبصِّ رة ، ويُساعد في عملية الشِّ فاء .
الجزء الأول : نقاط الانطلاق
لقد شرحنا في القسم الأخير كيفية استخدام التّعبيرات المجازية للمُساعدة في التّعامل مع الصّ دمة . وسوف نشرح ، في هذا القسم ، كيفية بروز هذا التّعبير المجازي “ المرأة الفراشة ” إلى حيّز الوجود ، وكيفية استخدام هذه القِصّ ة في عملنا .
الفراشة لم تستَطِ ع الطيران : مُ لاحظة أبداها أحد المُعالجين .
“ دخلت امرأةٌ تُعاني من صدمةٍ إلى مكتبي ذات مرةٍ طلباً للعلاج . وتحدَّثت إليّ بصوتٍ مُنخَ فض قائلةً : “ عندما أنظر إلى الماضي فإنِّي لا أرى سوى الأشياء الفظيعة التي حدثت معي ، فهي تُلاحِ قني ليلاً ونهاراً . وعندما أنظر إلى المُستقبل ، فلا أرى سوى القلق والمشكلات . لا أرى أيَّ أملٍ يلوح في الأفق . حياتي أصبحت مكاناً مُظلماً . جسدي كلُّه مُتخدِّر . وحيدةٌ أنا ولا أعرف للراحة طعماً . هل أنا في طريقي إلى الجنون ؟”
تساءلتُ قائلاً بعدما غادرت : كيف أستطيع كمساعِد أنْ أشرح لهذه المرأة عملية الشِّ فاء من الصّ دمة ؟ كيف أثبِتُ لها أنَّ ردود أفعالها هي استجاباتٌ طبيعية لتجربةٍ غير اعتيادية ؟ كيف أشرح لها أنَّها ناجية . كيف أستطيع إدخال الشعور بالأمل والكرامة إلى حياتها السوداوية المُظلِمة ؟”
رسمتُ ما أخبرتني به على قُصاصةٍ من الورق كانت أمامي . كانت ذكريات التعرَّض للصدمة على أحد جوانب القُصاصة ، وكانت المرأة أسيرةً محصورةً بين الماضي وبين المُشكلات العظيمة التي سوف تواجهها في المُستقبل . فقُمت برسم فراشة ! تلك هي الحالة التي كانت فيها المرأة . إنها المرأة الفراشة التي لم تستطِ ع الطيران ! استخدمتُ هذا التعبير المجازي لأوضِّ ح عملية شفاء تلك المَرأة .
فقد أعطى هذا التّعبير المجازي المرأة البُعد الذي كانت بحاجة إليه من أجل التّحدُّث عن الأعراض التي تُعانيها دون إيقاظ الصّ دمة في مشاعرها من جديد . فتعبير المرأة الفراشة جعل التّحدث عن المُستحيل مُمكناً . وأصبح بوسعِنا أنْ نتشارك تجاربها وخبراتها ، وبوسعي أنْ أُريها طريقاً للخروج من هذه الصدمة .
تحدثّنا عن كيفية إعادة إصلاح الأجنحة ومارسنا ذلك ؛ عن طريق تقوية الجسم وتهدئته ، وتهدئة أفكارها ، ومشاعرها ، وقلبها . وعثرنا على موارد جعلت حياتها جديرة بأنْ تُعاش مرة أخرى . فهذه الرّحلة هي كلُّ ما يتناوله هذا الدليل .
خُ لِقت الفراشات لتطير بحريةٍ وعلى طريقتها الخاصة ؛ شأنها في ذلك شأنُ المرأة التي يجب أنْ تكون حرَّة في عَيْش حياتها كما يحلو لها بسلامٍ وكرامة .”
بناءً على هذا الحدث ، طوَرَّنا التعبير المجازي “ المرأة الفراشة ” كأداةٍ للعَمل مع فرادى النساء اللواتي يُعانينَ من الصّ دمات نتيجةً لارتكاب فعلٍ عنيفٍ جداً بحقِّهن . ويفسح التّعبير المجازي المجال لنا للتّحدث عن مواضيع صعبةٍ جداً بطريقةٍ مُختلِفة ؛ فهو يُوجِ دُ مساحةً للأفكار والتّأملات الجديدة ، وقد يُجسِّ دُ ، في بعض الأحيان ، الأمل . فعندما نرسُ م الفراشة ، فإنَّ جناحَ يْها يرمزان إلى الماضي والمُستقبل . وبين “ الجناحَ يْن ” هناك مسافة ضيّقة تُمثِّل “ هنا والآن ”. وتشعر المرأة الفراشة تدريجياً ، من خلال المُساعدة المُقدّمة لها ، أنّها قادرة على أنْ تكون “ هنا والآن ” here and now ( بمعنى : في هذا المكان وفي الزمن الحاضر (، وأنَّها أكثر قُدرةً على التّحكم بحياتها . وقد تُصبِح قادرةً تدريجياً على مُعاودة الاتِّصال بمواردها المُجسَّ دة “ بقرني الاستشعار ” لديها ، والتي تبسطهما وتمدّهما الفراشة للوصول إلى ذكرياتٍ جيدة من ماضيها وتطلّعاتها المُستقبلية . وتستطيع الفراشة خُ طوة بخطوة إصلاح جناحَ يْها ، واستحداث ظروفٍ تستطيع فيها ، في النّهاية ، الطّ يران من جديد .