127
ما الذي قد تراه المُساعِ دة من ردود الأفعال التي تُظهرها النّساء المغتصبات : حيثما يُتَصَ وَّر أنَّ الاغتصاب خطأ المرأة ، فإنَّ ذلك يُفضي إلى العُزلة ، والضِّ يق ، والمُعاناة . وتكون الأعراض التي تَلي الاغتصاب مُماثلةً عُموماً لأعراض الاضطرابات المُتعلِّقة بالصّ دمات الشّ ديدة المَوصوفة أعلاه . وعلى سبيل المثال ، قد تكون إحدى الاستجابات الأولية ردّ فعلٍ على الصّ دمة يدوم لبضع دقائق أو أيامٍ أو أسابيع . وقد تحدُث أيضاً ردود الأفعال المُبالَغ فيها على الصّ دمة ، ومنها التّهيج المصحوب بالذُّعر ، وحالة الخَ لْط والارتباك ، أو الشَّ لل ، أو الصّ مت ، أو الانسحاب . وإذا ما أُصيبت الضّ حية بإصابات ، فإنها ستبدأ بالشعور بالألم جرّاء تلك الإصابات .
الجزء الثالث : النّظرية
وتُعتَبر ردود الأفعال الجسدية ( على سبيل المثال ، نوبات الصُّ داع ، والدُّوار ، وخَ فقان القَلب ، وصعوبات التّنفس ، والشّ عور بالبرد ، والإغماء ، والارتِجاف ، والغَثيان ، والتَّقيؤ أحياناً ) كثيرة الحدوث في المراحل الحادّة . وتشعر النّساء ، في أحيانٍ كثير ، بالقذارة ؛ وهي استجابةٌ قد تُؤدّي إلى الاغتسال القَهري ( الوسواسي (. كما تظهرُ مُبكّراً أعراض الخوف من حدوث الحَ مل ، والإصابة بالأمراض الجنسية المَنقولة ، وإصابات الأعضاء التّناسلية .
وقد تُظهِر النّاجية ردود أفعال سلوكية . فمن المُمكن أنْ تُصبِح غير مُستقرة عاطفياً ، أو أنْ تُعاني صعوباتٍ في التّركيز ، أو أنْ تمرَّ بالأرق والتّهيُّج ، أو أنْ تفتقر إلى القُدرة على الاسترخاء ، أو فقدان الدّوافع . كما قد تُصبِح في حالةٍ من الانسحاب ، أو تجنُّب الأمور التي تُذكّر بالصّ دمة ، أو الجفول أو الفَزَع بسهولة ، أو التّنبه واليَقظة الشّ ديدَتَيْن ، أو الانزعاج بسهولة من الأشياء البسيطة ، أو الخوف من الجِ نس أو فُقدان اللذة الجنسية ، أو من أنْ تُغيّر أسلوب حياتها ، أو زيادة في تعاطي مواد الإدمان ، أو الاغتسال أو الاستحمام كثيراً ، أو التَّصرف وكأنَّ شيئاً لم يكن ( الإنكار (.
التّعرُّض المُتكرِّر للصّ دمة :
قد تعيش النِّساء والأطفال في حالةٍ دائمة من الاستنفار . فبعد التّعرُّض المُتكرِّر للصّ دمة بمرور الوَقت ، ونتيجةً للعَيش في الحروب أو في خَ طر مُتواصِ ل ، تُناضِ ل المرأة ، على سبيل المثال ، للسَّ يطرة على ردود أفعالها ، وتستخدم كلَّ طاقتها للقيام بذلك . وعند انتهاء الخَ طر ، فإنَّ ردود أفعالها عادةً ما تزداد حِ دّة . وقد تُظهرُ أيضاً ردّ فعلٍ عن طريق الدّخول في حالة مُزمنةٍ من الضّ غط النّفسي .
قد تظهرُ أحياناً ردود الأفعال التّالية للصّ دمة تدريجياً . ومن المُمكن أنْ تعيش النِّساء من جديد تجارِب اقتحامية شديدة في الوقت الذي يبذلن ما فِي وسعهِنَّ لتجنُّب الأمور التي تُذكّرهنَّ بما حَ دث . ومع ذلك ، فإنَّهنَّ سوف يُعانين من الاضطراب في النوم ، ويَكُنَّ على أًهبة الاستعداد ، ويَجفَلن بسهولة . ونظراً إلى أنَّ عَيْش الحدث الصادم من جديد يُثير ألماً وخوفاً عاطِّ فيَّيْنِ وقويَّيْن ، فإنَّ النّاس يتجّ هوا إلى اتّخاذ خطواتٍ واعية وغير واعية لتجنُّب المواقِف التي تُذكّرهم بالحدث . وتتبنَّى النّاجياتُ استراتيجياتٍ مُختلِفة للقيام بذلك . وفي بعض الحالات يعزلن أنفسهنّ ؛ حيث تتوقَّف النِّساء عن الخروج وتقطع جميع اتِّصالاتها مع صديقاتها وشبكاتها . وقد تُحاول النّاجيات أيضاً حماية أنفسهنَّ عن طريق فَهم العُنف الذي تعرَّضن له . وستقول النِّساء : " لم يكن الأمر بذلك السّ وء ، وأودّ نسيانه ، وأنْ أضعه وراء ظهري ...". وتجلِب استجابات التّجنُّب هذه معها تبعاتٍ مُختلِفة . فالحياة المُنعزِلة سوف تُعزِّز خوف المرأة من أنْ تعيش تجاربها الصّ ادمة مرّة أخرى . وقد تكتِشف النّساء اللواتي يستهنَّ / يُقلِّلنَ من أهمية العُنف الذي عانَينه ، أو اللواتي يُنكِرنَ حدوثه ، أنَّهن قادراتٍ على التّعامل مع الوضع لفترةٍ وجيزة ، لكنَّهن يُصَ بنَ بأعراضٍ خطيرة على المدى البعيد ؛ وذلك لأنَّهنُ صَ رفن الكثير من الطّ اقة على عدم إظهار ردّ الفعل )" بيرنتسِ ن
(. 2005 "، Berntsen
وغالباً ما يُسَ جَّ ل إحراز الّتحسُّ نٍ بعد انقضاء ثلاثة أشهر )" داهل "، Dahl 1993 (؛ لكنَّ مُعظم ضحايا الاغتصاب يُعانين من صدمات عاطفية شديدة وطويلة الأمد . ولا تُعتَبر الجوانب الجنسية من الجريمة أهمَّ العوامل التي تُسبِّب الصّ دمات النَّفسية . ويبدو أنَّها تحدث نتيجةً
لخمسِ سِ ماتٍ مُميّزة لتجربة الاعتداء )" فانفلك "، Fanflik 2007 (، فهذه التجربة :
• فجائية واعتباطية .
• يُتَصَ وَّر أنّها تُهدِّد الحياة .
• يُتَصوَّر أنها تُجرِّد الضّ حية من إنسانيتها .
• تُجبَر الضّ حية على أنْ تلعب دور الخضوع .
• لا تستيطع الضّ حية مَنع وقوع الاعتداء ، ولا السَّ يطرة على المُعتَدي ؛ حيث تَفشل استراتيجات الدّفاع الاعتيادية الخاصّ ة بها . وتُصبِح نتيجةً لهذا ضحية غضبِ وعدائية شخصٍ ما .
• انتهَكَت سلامة الناجية الجِ نسية .