April21 | Page 8

القمص بيشوي كامل إسحق أسعد

القمص بيشوي كامل إسحق أسعد

خدمته : بدأ خدمته سنة ‎1948‎ وهو في السابعة عشر من عمره وهو ما زال طالبا في الجامعة بخدمة التربية الكنسية بكنيسة السيدة العذراء بمحرم بك ، واستمر في خدمته مع دراسته بنجاح - وكانت خدمة مدارس الأحد في ذلك الوقت تقام في المدارس القبطية المحيطة بالكنيسة إلا أن الخادم سامي كامل نجح بنقل خدمة مدارس الأحد إلي داخل حضن الكنيسة . ويقول أحد تلاميذ أستاذ / سامي والذي أصبح فيما بعد كاهنا « كنا بنشوف الأستاذ سامي موجود في الكنيسة كل يوم خميس وجمعة بصفة دائمة ، وفي الصوم الكبير كان يذهب إلى فراش الكنيسة ‏-عم بولس-‏ ويأكل معه وجبة الغذاء ، كان طاحونة لا تتوقف أبدًا عن العمل ، ينتظر الأطفال ويتابع كل شيء لدرجة أننا كنا نراه في أوقات من شدة الإرهاق جالسً‏ ا على سلم الكنيسة الرخام و هو نائم ، وكنا نشفق عليه ولكن لا ندري ما يمكننا عمله لكي نريحه ولو قليلاً‏ وهو استأذنا الكبير ، فقد كان لا يعطي نفسه راحة ولا يشفق على نفسه أبدًا كل هذا وهو عِلماني ‏!!«.....‏ كما خدم الأستاذ / سامي الشباب الجامعي حتى أصبح أمينًا عامًا للخدمة رغم صغر سنه ‏..‏
فكر الرهبنة : في آخر أيام شهر ديسمبر عام ‎1954‎ ومع فترة صوم الميلاد اشتاقت نفسه إلى طريق الرهبنة ، ووقع اختياره على دير السريان بوادي النطرون ، وبدأ يعد نفسه لذلك ‏-إلا أن مشيئة الله كان لها رأي-‏ ففي خلال استعداده للسفر إلى الدير مرض والده بجلطة دموية فأرجأ الفكرة لوقت آخر ، ولكن اشتياقه ظل داخله فكان يذهب في رحلات إلى الدير وحدث أثناء أحدى تلك الزيارات أن دخل إلي المقصورة حيث جسد القديس بيشوي في ديره وأخذ يناجيه : « يا ريت أتشرَّف باسمك يا أنبا بيشوي » فقد كان يتمنى أن يصبح راهبًا باسم بيشوي ولكن إرادة الله كانت أن يصبح كاهِنًا باسم بيشوي لتتلاقى الإرادتين معًا كما سنرى فيما بعد ‏...‏
دعوته للكهنوت : حدث مساء الأربعاء ‎18‎ نوفمبر سنة ‎1959‎ أن الأستاذ سامي كامل أخذ فصله لمدارس التربية إلى الدار البابوية بالإسكندرية لنوال بركة البابا كيرلس السادس ، وما أن قبَّل يديه حتى فوجئ بالبابا وهو يخبره بأنه سيرسمه كاهنًا بعد أربعة أيام ‏..!‏ فقد كان البابا قبل دخول الأستاذ سامي جالسً‏ ا مع أب كاهن ذي حساسية روحية عميقة هو القمص مينا اسكندر ، وكانا يتناقشان حول قطعة أرض اشترتها الباباوية القبطية بالإسكندرية على خط الترام في اسبورتنج لإقامة كنيسة باسم مار جرجس وقال البابا « لن نستطيع البدء في بناء الكنيسة قبل رسامة كاهن خاص بها ‏«.‏ وما كاد ينتهي من القول حتى دخل الأستاذ / سامي بأولاده في التربية الكنسية ، فهتف أبونا مينا على الفور « ها هو الشاب الذي يصلح لأن يرعى شعب كنيسة مار جرجس » وبعد أسئلة قليلة وضع البابا الصليب على رأس سامي كامل ويقول : « أنها علامة معطاة من الله أن تصبح كاهنا وسأرسمك الأحد المقبل ‏«،‏ ذُهِل الخادم سامي
من وقع المفاجأة واستجمع شجاعته وقال : « ولكني لست متزوجًا ‏!«‏ فأجابه قداسة البابا « الروح القدس الذي ألهمني إلى اتخاذ هذا القرار هو يختار لك العروس ‏«.‏ ومنحه فرصة يومين فذهب لتوه إلى مقصورة السيدة العذراء وأخذ يصلي مرارًا لِيُظْهِر له الرب إرادته ، وهكذا حدث أن الروح القدس أرشد سامي كامل إلى أن يطلب يد « أنجيل باسيلي » ( حاصلة بكالوريوس اقتصاد وعلوم سياسية - جامعة الإسكندرية ) أخت زميليه في الخدمة فايز وجورج باسيلي واللذان فرحا به جدًا وقالا لأبويهما إن سامي كامل ذو نقاء ملائكي ، ولكن العجيب في الأمر أن العروس لم توافق لرغبتها هي الأخرى في الرهبنة ، إلا أنه أبونا مينا أسكندر تَدَخَّل وأقنعها ، وتمت الخطوبة يوم الخميس ‎19‎ نوفمبر ‎1959‎ ولم يحضرها سوى أهل العروس فقط . وذهب سامي في ثاني يوم إلى الدير ووجد هذه المرة صعوبة كبيرة جدًا حتى أنه وصل للدير بعد ‎29‎ ساعة وهو في غاية التعب والضيق مصمماً‏ أن يعلن له الرب عن إرادته بوضوح أما في إتمام الزواج ومن ثم الكهنوت أو طريق الرهبنة التي كان يريدها لنفسه ‏...‏ وجاء أبونا مينا ليبلغه أنه قد رأى في حلم أن أكليلاً‏ وضع على رأسه وتلى ذلك ضغوط كثيرة ممن حوله ولم يكن له سوى الصلاة حتى تمت الإرادة السماوية لتتم صلوات الإكليل مساء الثلاثاء ‎24‎ نوفمبر والطريف أن أهل العريس لم يروا العروس إلا ليلة الإكليل ! وتمت أخيرًا سيامته كاهنا باسم بيشوي كامل Reverend
Father Bishoy Kamel يوم الأربعاء 2 ديسمبر عام
‎1959‎ م . على مذبح كنيسة الشهيد العظيم مارجرجس باسبورتنج-‏ كانت الكنيسة في ذلك الوقت عبارة عن سقيفة ( مبنى صغير من الطوب الأحمر دون طلاء والسقف من قطع الخيام التي تستخدم في السرداقات ) وتم تجهيز مذبحه ليرشم عليه أبونا / بيشوي . ثم قصد بعد ذلك دير السيدة العذراء للسريان حيث قضى فترة الأربعين يوما التي يقضيها الكاهن بعد رسامته هناك ‏....‏ وعاد من الدير ليبدأ في بناء كنيسته والتي أتم بناءها وتم تكريسها سنة ، ‎1968‎ والتي صارت من أشهر كنائس الإسكندرية وأصبحت كنيسة مار جرجس باسبورتنج أم ولود فيرجع لها الفضل ولأبينا المحبوب / بيشوي كامل الذي لم يتمركز في خدمته باسبورتنج فقط وإنما امتدت خدمته المباركة إلى مناطق كثيرة بالإسكندرية وكأنه أصبح خادما وكاهنا للإسكندرية بأكملها
أبونا بيشوي كامل هو :
- أول من فكَّر في إنشاء حضانة لأطفال الأمهات العاملات بكنيسة مار جرجس باسبورتنج والتي أخذتها عنه كنائس الإسكندرية ثم ما لبثت أن عمت الفكرة كنائس مصر كلها .
- أول من أحيا التقليد الكنسي القديم الخاص بالسهر في الكنيسة ليلة رأس السنة القبطية « عيد النيروز ‏«،‏ ورأس السنة الميلادية وسارت في دربه كل الكنائس فيما بعد .
السر الذي أراد الله أن يكشفه بعد نياحته : كنا قد عرفنا أن أبونا بيشوي كامل كان يفكر في الرهبنة ، وقد أختار له الله مُعينًا ونظيرًا في حياته وخدمته « تاسوني أنچيل » والتي بدورها كانت تشتهي أن تحيا حياة البتولية والرهبنة ‏...‏ لذا تم التدبير الإلهي العجيب بزواجهما ليعيشا معا حياة البتولية كما اتفقا على ذلك قبل الزواج . ويبدو أن البابا كيرلس السادس كان عالِماً‏ بهذا الموضوع ، لأنهما بعد إتمام الزواج تَوَجَّها لأخذ بركة البابا كيرلس معًا ، إلا أن كلٍ‏ منهما دخل بمفرده للبابا !
8