aldoha magazine N 75 | страница 40
ضـــد الرئيـــس الســـابق زيـــن العابديـــن
ّ
بـــن علـــي وزوجتـــه ليلـــى. لكـــن هـــذه
الســيدة قامــت بتكذيــب األمــر عالنيــة فــي
ّ
ب ــادئ األم ــر ث ــم، بش ــكل الح ــق، قام ــت
بتدوينـــه فـــي كتـــاب الســـيرة الخـــاص
به ــا «ه ــذه حقيقت ــي»؛ حي ــث أوردت في ــه
قص ــة الط ــن ونص ــف الط ــن م ــن الذه ــب
الخال ــص ال ــذي تم ــت س ــرقته م ــن خزان ــة
ّ
البنـــك المركـــزي التونســـي، وقالـــت إن
القصـــة مجـــرد إشـــاعة صرفـــة مشـــيرة
ُ َ َّ
إلـــى أنهـــا حيـــن مغادرتهـــا تونـــس لـــم
تأخـــذ معهـــا أي أمـــوال حتـــى إنهـــا لـــم
تأخ ــذ ج ــواز س ــفرها ألن أم ــر المغ ــادرة
ل ــم يك ــن ف ــي الحس ــبان، وج ــاء مفاجئــا
ً
لهـــا، ووصفـــت تلـــك اإلشـــاعات بأنهـــا
«أكاذيـــب أشـــاعوها». لكـــن- وكمـــا
ْ
يح ــدث ع ــادة ف ــي مس ــألة ق ــدوم تكذي ــب
اإلشـــاعة بشـــكل رســـمي أو مـــن طـــرف
الش ــخص المعن ــي بتل ــك اإلش ــاعة وه ــو
فـــي رأس الســـلطة وفـــي بلـــد يحيطـــه
القمـــع وســـلطة الفـــرد الواحـــد- يـــؤدي
ّ
ه ــذا التكذي ــب إل ــى تصدي ــق الن ــاس لتل ــك
اإلشــاعة وتعاملهــم معهــا كأنهــا حقيقــة.
لك ــن وبالنس ــبة لإلش ــاعات الخاص ــة
ّ
علــى المســتوى األخالقــي لــم يحــدث، أو
لــم يكــن مــن الواضــح لجــوء نظــام زيــن
العابديـــن لحيلـــة التشـــويه األخالقـــي
تج ــاه المحتجي ــن، وذل ــك لس ــبب بس ــيط
ّ
محتم ــل يتوق ــف عن ــد نقط ــة قي ــام تل ــك
َّ
َ
التظاهـــرات االحتجاجيـــة فـــي وقـــت
قياســـي، ولـــم يكـــن أمـــام رجـــال ذلـــك
04
النظــام مــن الوقــت كــي يذهبــوا الختــراع
حكاي ــات وقص ــص ع ــن تصرف ــات تل ــك
ُّ
الحش ــود االحتجاجي ــة المنافي ــة للس ــلوك
العـــام كمـــا حـــدث مـــع شـــباب الربيـــع
اليمن ــي.
فـــي حيـــن يمكـــن النظـــر هنـــا إلـــى
تطابـــق الحالـــة المصريـــة مـــع الحالـــة
اليمني ــة لتواف ــق الظ ــروف الت ــي أتاح ــت
للنظاميـــن هـــذا األمـــر إلـــى حـــد كبيـــر.
ّ
فبحســـب ماهـــو متعـــارف عليـــه يمكـــن
َ
اعتب ــار النظ ــام اليمن ــي الس ــابق بمثاب ــة
تلميـــذ صغيـــر تلّـــى دروس القهـــر
ق
وأســاليب الســيطرة علــى حركــة الشــارع
عل ــى أي ــدي المخاب ــرات المصري ــة الت ــي
كان لهـــا قصـــب الســـبق فـــي الســـيطرة
علـــى القـــوى األمنيـــة اليمنيـــة منـــذ
اللحظ ــات األول ــى لقي ــام الث ــورة اليمني ــة
األولـــى فـــي ســـبتمبر/أيلول 2691
بمســـاعدة الجيـــش المصـــري وقتهـــا.
واس ــتمر ه ــذا التع ــاون إل ــى فت ــرة قريب ــة
مـــن حكـــم نظـــام صالـــح، وإن بشـــكل
أكثـــر انضباطـــا وتطـــورًا وقـــدرة علـــى
ً
ُّ
التعام ــل م ــع المطاب ــخ اإلعالمي ــة الت ــي
يقـــع الهـــدف األول فـــي قائمـــة مهامهـــا
للســـيطرة جماهيـــرًا علـــى نبـــرة حديـــث
الشـــارع عبـــر بـــث اإلشـــاعات والتأكـــد
ّ
ُّ
مـــن وصولهـــا إلـــى كل بيـــت وتجمـــع
ُّ
بشـــري.
لهــذا ال يبــدو غريبـا أن فاتحــة حــروب
ً
اإلشـــاعة التـــي وصلـــت إلـــى الســـاحات
اليمني ــة كان ــت العاصم ــة المصري ــة ه ــي
منبعهـــا األول ومـــن ميـــدان التحريـــر
علـــى وجـــه التحديـــد. يمكننـــا هنـــا
التذكيـــر بكميـــة األخبـــار التـــي كان يتـــم
ّ
إطالقه ــا ع ــن التصرف ــات غي ــر األخالقي ــة
ُّ
الت ــي يق ــوم به ــا ش ــباب الث ــورة داخ ــل
الخي ــم المنصوب ــة ف ــي المي ــدان وإش ــاعة
القبـــض علـــى أدوات جنســـية وقنانـــي
خمـــور وحبـــوب مخـــدرة هنـــاك. ولـــم
ِّ
َّـــف حـــرب اإلشـــاعة مـــع ســـقوط
تتوق
نظـــام مبـــارك، بـــل اســـتمرت حتـــى
َّ
فـــي وقـــت ســـيطرة العســـكر بقيـــادة
الطنطـــاوي علـــى أمـــور البـــاد.
نســتعيد هنــا الطريقــة التــي قامــت بهــا
الق ــوات األمني ــة بإزال ــة االعتص ــام ال ــذي
كان فـــي ميـــدان التحريـــر فـــي النـــزول
الثانـــي الـــذي انتهـــى فـــي اليـــوم األول
مـــن شـــهر رمضـــان العـــام 1102. وقتهـــا
تزامـــن فعـــل اإلزالـــة مـــع نشـــر أخبـــار
ع ــن الش ــباب الذي ــن قي ــض عليه ــم داخ ــل
ُ َ
الخي ــم وه ــم ف ــي أوض ــاع غي ــر أخالقي ــة
إضافـــة إلـــى ضبـــط األقـــراص المخـــدرة
ِّ
وزجاجـــات الكحـــول. إنهـــا الطريقـــة
نفســـها والعقليـــة ذاتهـــا فـــي التعامـــل
م ــع الح ــركات االحتجاجي ــة م ــع اخت ــاف
الوقـــت. لكـــن القضـــاء علـــى النظـــام
ّ
الحاكـــم بشـــكل فعلـــي بعـــد ســـقوط
مب ــارك ل ــم يك ــن ق ــد انته ــى بع ــد. ولذل ــك
اســـتمر األداء ذاتـــه عـــن طريـــق االتـــكاء
ِّ
َّ
علـــى حـــرب اإلشـــاعة والمـــس بأخـــاق
ّ
المحتجي ــن به ــدف الني ــل منه ــم. وإيق ــاف
ّ
ماكينـــة الثـــورة عـــن الحركـــة والتقـــدم.
ُّ