aldoha magazine N 75 | Page 151

‫الثيــران، وفــي مرحلــة وجــوده الممتعــة في‬ ‫ألمانيــا لدراســة هندســة الطائــرات القاذفــة‬ ‫للقنابــل، انبهــر جيــرو ببراعة األلمــان، ولما‬ ‫أراد إلقــاء نظــرة علــى طائــرة قيــد التصنيــع‬ ‫منعه الحراس، وحينها قال لرفيقه هونجو:‬ ‫يالأللمــان البخــاء! إنهــم ال يروننــا شــيئ ً،‬ ‫ا‬ ‫يــرد هونجــو: نحــن كأخيــل نطارد ســلحفاة‬ ‫ّ‬ ‫ســبقتنا بـــ 02 ســنة. ويــرد جيــرو طائرتنــا‬ ‫ّ‬ ‫أشــبه ببناء مــن رومــا القديمة...‬ ‫استلهم جيرو أفكاره الهندسية من المحيط‬ ‫الذي يعيش فيه، من إحباطه كما من آماله،‬ ‫أصغــى ألصــوات الريح ُّبــات الطبيعة،‬ ‫وتقل‬ ‫وتأمــل أجنحــة الطيــور، وكل نغمــة كانــت‬ ‫َّ‬ ‫تــدق فكــرة فــي قلبــه وفــي عقلــه. ال أحد رأى‬ ‫ّ‬ ‫ُّــق‬ ‫الريــح غيــره، وأدرك أن إمكانيــة التحق‬ ‫أكبــر مــن فــرص المســتحيل، وأن الريــح في‬ ‫النهايــة يمكــن رؤيتهــا بعيــن ثالثــة، وحينما‬ ‫تهتز األغصان، وإذاك فقط، كان جيرو يعي‬ ‫ّ‬ ‫تمامـا أن الريح تمــر عبرها.‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫بهذه الفلسفة الشعرية العميقة رأى جيرو‬ ‫طائرتــه تحلــق فــي األحــام، وواقعي ـا فقــد‬ ‫ِّ‬ ‫ً‬ ‫طارت الـ«‪ »Mitsubishi A6M Zero‬كالحلم،‬ ‫ونجحــت أخيــرًا فــي الهبــوط علــى المــدرج‬ ‫العشــبي بعــد محــاوالت فاشــلة عديــدة كانت‬ ‫تنتهــي بانهيــار الطائــرة كّيـ ً. وفــي لحظــة‬ ‫لّ ا‬ ‫النجاح هاته كان مصممها جيرو هوريكوشي‬ ‫ِّ‬ ‫ٍ‬ ‫شــاردًا وغيــر مبال، إال بصــوت ريح حزينة‬ ‫كانــت تنــذر برحيــل زوجتــه ناهوكــو، وقــد‬ ‫أحــس بذلــك فــي الوقــت الــذي كانــت الطائرة‬ ‫َّ‬ ‫المقاتلة األولى في اليابان ِّق كالنوارس.‬ ‫تحل‬ ‫هكذا يلهمنا المخرج العبقري هاياو ميازاكي‬ ‫بجوهر سيرة عبقري آخر ليقول في النهاية‬ ‫إن حلمنــا يمســك بنا، ويحيــط بنا، وال يراه‬ ‫أحــد وحده.‬ ‫حديقة الكلمات‬ ‫األرصاد الجوية تتوقع هطول المطر في‬ ‫منطقــة كيوشــو اليابانيــة، وهــذا مــا يجعــل‬ ‫الشــاب يوكينــو المفتــون بتصميــم األحذيــة‬ ‫يتغيــب عن المدرســة، مقتصرًا علــى الذهاب‬ ‫َّ‬ ‫إلــى حديقــة حيــث يمــارس تحــت ســقف مــن‬ ‫القرميــد هوايتــه المفضلــة التــي يعــول عليها‬ ‫ِّ‬ ‫مســتقبال فــي إخراجــه مــن عالــم صغيــر إلى‬ ‫ً‬ ‫عالــم كبيــر. وأكيزوكي مدرســة أدب مكتئبة‬ ‫ِّ‬ ‫وفاشلة عاطفياً، تلجأ إلى المكان نفسه بحث ًا‬ ‫عــن النســيان. يوكينــو أصغــر مــن أكيزوكي‬ ‫بكثيــر، لكــن هــذا لــم يمنــع اســتمرار لقائهمــا‬ ‫حديقة الكلمات‬ ‫فــي الحديقــة عــن طريــق الصدفــة فــي البداية‬ ‫إلــى أن أصبــح اللقاء موعدًا ينتظره يوكينو‬ ‫كلمــا هطــل المطر.‬ ‫كتب قصة هذا الفيلم الكرتوني الشاعري‬ ‫والعميــق، الــذي اختتم به مهرجــان «أجيال»‬ ‫الســينمائي بالدوحــة وأخرجهــا، ماكوتــو‬ ‫شــينكاي الملقــب بـ «ميازاكــي الجديد». يأخذ‬ ‫َّ‬ ‫الفيلم شاعريته من عنوانه «حديقة الكلمات»،‬ ‫ومن نصه الذي اقتبســت بعض حواراته من‬ ‫أشعار التانكا القديمة في اليابان. وهو فيلم‬ ‫عميــق ألنــه يقــوم علــى األســرار والغمــوض‬ ‫المتصليــن بشــخصية أكيزوكــي الهائمــة فــي‬ ‫َّ‬ ‫أحالمهــا الغائبــة، والتــي شــكلت بالنســبة‬ ‫َّ‬ ‫ليوكينــو المــرأة المثاليــة التــي تكمــن فيهــا‬ ‫أســرار العالم.‬ ‫يوكينو الرومانســي المنحــدر من الريف، (